تقرير: بغداد تكافح لتطبق معايير الاستيراد لأول مرة منذ 15 عاما

تتبادل الجهات الحكومية والتجار العراقيون سلسلة طويلة من الاتهامات في تصعيد خطير يشكل حركة التجارة مع بدء تطبيق معايير الاستيراد لأول مرة منذ عام 2003، إضافة إلى فرض رسوم جمركية جديدة.

ويشكو التجار من ضعف كفاءة الأجهزة الحكومية وانتشار البيروقراطية والفساد، في حين تقول الحكومة إن التجار يرفضون تطبيق المعايير العالمية لشهادة المنشأ وفحص البضائع للتأكد من صلاحيتها للمستهلكين.

وتهدد احتجاجات التجار منذ أسبوع باقتحام مقر هيئة المنافذ الحدودية في بغداد بعد احتجاز بضائعهم في الموانئ والمنافذ الحدودية لعدم استجابتها للشروط الجديدة.

ويقول مراقبون إن حركة التجارة تعاني من صعوبات كبيرة منذ بدء تنفيذ شروط إدخال البضائع مطلع مايو الماضي، وإنها تفاقمت مع تشديد فرض الرسوم الجمركية في الأيام الأخيرة.

وتعاني المنافذ الحدودية من حالة من الإرباك والشلل بسبب تعود التجار على إدخال بضائعهم دون شروط تذكر باستثناء تقديم الرشاوى للمافيات المتنفذة، التي يرتبط بعضها بجهات سياسية.

وتصاعدت الاتهامات المتبادلة بين نقابات التجار العراقية والهيئة العامة للمنافذ الحدودية بعد تكدس حاويات البضائع مع بدء تطبيق الإجراءات والقوانين وشروط الاستيراد فيها على جميع السلع.

وقال العميد إبراهيم شرهان مدير العمليات في هيئة المنافذ الحدودية إن الهيئة استلمت جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية وقامت بتوحيد تطبيق القوانين، باستثناء المنافذ الحدودية في إقليم كردستان، التي يجري العمل لإخضاعها لذات القوانين.

وأكد أن من البديهي والمنطقي والعادل أن يتم استحصال نفس الرسوم على السلع والبضائع المستوردة بغض النظر عن منفذ دخولها سواء كان بريا أو بحريا أو عن طريق المطارات.

لكن بعض التجار يقولون إن هناك اختلافات كبيرة حتى بين المنافذ البرية والبحرية المتجاورة في محافظة البصرة، ناهيك عن الاختلافات مع المنافذ الأخرى.

وأقر شرهان بوجود خلل في توحيد الإجراءات مع منافذ إقليم كردستان الحدودية، وأن الهيئة ومسؤولين حكوميين يعقدون محادثات مع مسؤولي حكومة الإقليم لتوحيد التعريفات الجمركية والقواعد المفروضة على السلع من حيث المقاييس النوعية وشهادة المنشأ وغيرها من الضوابط الأخرى.

وأشار في مقابلة على قناة “الشرقية” العراقية إلى أن الدليل على معالجة الكثير من مواطن الخلل يظهر في ارتفاع العوائد الجمركية لخزينة الدولة بما يزيد على 5 أضعاف ما كانت عليه قبل استلام الهيئة للمنافذ الحدودية.

وقال إن الهيئة باشرت عملها وبدأت تطبيق الضوابط المعتمدة في القوانين العراقية النافذة في مطلع مايو الماضي، والتي لم تكن مطبقة على مدى 15 عاما، أي منذ الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003.

وتقول الهيئة العامة للمنافذ الحدودية إنها حين استلمت إدارة المنافذ وجدت أن التجار فوجئوا بتطبيق المعايير القانونية ولم يكن معظمهم يتوقع وجود شروط لشهادة المنشأ أو إجازة استيراد أو فحوصات نوعية ومطابقتها لمعايير الاستهلاك.

وأرجع مدير العمليات في هيئة المنافذ الحدودية الخلل في أداء دوائر الهيئة إلى عدم وجود تعاون مشترك من جانب هيئة الجمارك والمؤسسات الحكومية الأخرى.
 

لكن رئيس اتحاد المستوردين العراقيين محمد الدراجي أكد في لقاء تلفزيوني مع قناة الشرقية عدم توحيد آليات العمل والقوانين الخاصة بإدارة المنافذ الحدودية في عموم أنحاء العراق، وخاصة الاختلافات الواسعة مع إقليم كردستان.

وقال إن مشكلة التجار ليست في تطبيق القوانين الجديدة بل في جيوب الفساد التي تعرقل تخليص البضائع، إذا لم يرضخ التجار لتقديم رشاوى لتسهيل استلام بضائعهم.

كما أشار إلى ضعف البنية التحتية في المنافذ الحدودية، مثل حاجة بعض حاويات السلع إلى الكهرباء لإدامة عمليات التبريد ومنع تلف السلع التي تحتويها.

وأكد أن العقبة الأساسية هي البيروقراطية الإدارية وحاجة المستوردين للحصول على كثير من الموافقات من جهات عديدة في بغداد، الأمر الذي يؤخر تخليص البضائع ويبقيها في المنافذ الحدودية لفترات طويلة مع ما يفرضه ذلك على التجار من غرامات باهظة.

واستغرب الدراجي عدم وجود مكاتب لجميع دوائر الجمارك ووزارة التجارة والسيطرة النوعية في داخل كل منفذ حدودي لتسهيل تخليص البضائع بسرعة وانسيابية بدل تعطيلها وتعريضها للتلف في أحيان كثيرة.

وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي الأسبوع الماضي أن الحكومة ستفرض النظام ولن تسمح لغير شركات التخليص الجمركي المجازة ومالكي البضائع بالدخول إلى الموانئ، للقضاء على حالات التزوير والتلاعب والضغوطات التي تمارس على الموظفين.

وذكر مجلس الوزراء في بيان أنها بدأت تطبيق جميع قوانين دخول البضائع، لكنه ذكر أن هيئة المنافذ الحدودية لن تطالب التجار بتقديم إجازات الاستيراد للبضائع التي وصلت قبل مطلع يوليو الجاري.