فضيحة بجلاجل ..عندما تستخدم القوة في غير محلها !

ثمة سؤال هام ..ماذا بعد غلق مكاتب قناة (البغدادية)؟ ليس لجهة هذه القناة فحسب, بل ماهية الانعكاسات الجوهرية لحجب مصدر اعلامي في زمن يقال انه

زمن تطبيق الديمقراطية ؟

لقد تحصل الشعب العراقي على الديمقراطية بشكل غير يسير, تطلب تضحيات جسيمة وصلت حد الدماء المسفوحة , وكان فيها للاعلام والصحافة حصة مؤشرة ..واليوم بعد أن تكررت اعتداءات السلطة على الاعلام من دون مسائلة لغياب السلطات الرقابية المتمثلة بمجلس النواب’ يجعلنا في أحسن الاحوال نتشائم كثيرا من المستقبل ,حيث أن هذا الاغلاق الذي تم باستخدام القوة العسكرية المفرطة يعد سابقة خطيرة, لايمكن أن تمر من دون حلول جوهرية قوامها الرغبة الصادقة في الحفاظ على حرية الاعلام والثقافة .

هل هي وزارة اعلام جديدة ؟

وبما ان ( الخصومة ) قد وقعت بين هيئة الاتصالات وقناة ( البغدادية ) ,فأن علينا الان بحث الوسائل المؤدية الى رأب الصدع الذي أصاب في مقتل العلاقة بين وسيلة اعلامية ناشطة ووطنية تحظى بتقدير الاوساط السياسية وقد نالت ثقة الشعب العراقي وبين هيئة حكومية تقول انها معنية بالرقابة على البث ومضامين البرامج وتفاصيل اخرى, في عمل القنوات حتى انها قد طلبت في وقت سابق من القنوات الفضائية قوائم باسماء منتسبيها ومهامهم.. وقد اثار كل ذلك استنكار القنوات الفضائية والاوساط الاعلامية ..بمعنى أن هذه الرقابة سوف تكبح حرية الاعلام المستقل .

الوريثة !

والمؤسف ان هيئة الاعلام والاتصالات ومنذ تأسيسها بقرار من الحالكم المدني للعراق السابق ( بول بريمر ), لم تكن ذات مهام واضحة وقد افتقدت العلاقة المتفهمة بينها وبين وسائل الاعلام, بالاضافة الى ان هذه الهيئة لاتستند الى قاعدة قانونية , كون القانون يشترط موافقة مجلس النواب على تأسيسها, بالاضافة الى موافقته على مجلس امنائها , وهي بذلك كما قال رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب بهاء الاعرجي يوم 3/11 من ( البغدادية) أن هذه الهيئة لاتستند الى مشروعية قانونية من حيث التأسيس ,وهي هيئة باطلة وكل شيء ينتج عن الباطل فهو باطل! .

في الواقع لانريد ( صخاما) جديد نسود به صفحة العلاقة بين هيئة ارادت لها الحكومة مهاما ضرورية على صعيد المراقبة والمتابعة الفنية للبث الفضائي, بكافة اشكاله وليس بث القنوات الفضائية فحسب, ومتابعة خطوط البث والتنبيه في حالة تقاطعها وما الى ذلك من الامور الفنية ,

السيف المثلوم !

ولكن الحكومة قد أرادت لهذه الهيئة ن أن تسلط على القنوات ووسائل الاعلام الاخرى, وبذلك تكون هذه الهيئة قد مارست اختصاصات هي غير اختصاصها ,مما يورطها في مشاكل واشكالات تصرفها عن اداء واجباتها الحقيقية ..فهذه شركات الهاتف المحمول تسرق الشعب العراقي من خلال اساليب مبتكرة, تتصف بالاحتيال فيما الهيئة ليس امامها الا قناة( البغدادية ) ,التي تتميز بمتابعتها شؤون المواطنين عبر الساعة الصباحية المباشرة والبرامج التفاعلية الاخرى ك( رأي عام) و( من قلب بغداد ) و( المنصة ),اذ وجد بعض المسؤولين أن هذه البرامج تحمل هدفا تأليبيا ضد الحكومة , وهذا بالطبع لايعبر عن فهم دقيق لمهمة الاعلام المستقل , حيث ان ابراز حقائق القصور في الاداء الحكومي يحفز الاخرين على اداء افضل .

وسائل خبيثة!

اللافت للنظر حقا ان قضية ( احتلال) مكاتب القناة قد البست ثوبا هو غير ثوبها ,وكيفت بطريقة ( خبيثة), زجت فيها القوة العسكرية دونما ضرورة ,فقوام مكتب بغداد هو بضعة موظفين ومعدات فنية ولايحتوي المكتب على اسلحة او معدات حربية او مقاتلين, والزج بهذ القوة المتكونة من 13 عربة عسكرية ( همر) انما هو استعراض للقوة المفرطة التي تعد سابقة ليس في العراق فحسب بل في العالم كله وهي تأخذنا الى زمن الانقلابات العسكرية في العراق اذ كان يكفي لنجاح الانقلاب احتلال الاذاعة والتلفزيون واذاعة البيان الاول ! ..كما أن خلط الاوراق, وايراد تفسيرات تتقاطع مع الحقيقة, فيا يتعلق باستلام القناة نداءات تلفونية من المجرمين خلال سيطرتهم على كنيسة ( سيدة النجاة),فأن القناة لم تحجب مضانين هذه النداءات وقد بثتها فورا,مما أفاد بالتأكيد الجهد الاستخباري لقوات بغداد, حيث افصحت نداءات الارهابيين عن مطالبهم وهي في الحقيقة مطالب تعجيزية تتمثل في اطلاق سراح المعتقلين من افراد ( القاعدة ) في العراق ومصر وبعض الدول العربية ,وقد عمدت القناة الى سرعة اظهار الاخبار , كما أن اشارتها الى أن المجرمين يتكلمون بلهجات غير عراقية اكد معلومة هامة من انهم ليسوا عراقيين .

هل وقع الصيد الثمين؟

أن هذه القضية قد أحيطت بالكثير من التناقضات والتفسيرات, ومحاولات لي الحقيقة من أجل الايقاع ب (البغدادية ) , وكأنها صيد ثمين وقع فريسة في ايدي هيئة حكومية, كان يفترض لعملها أن يكون عملا تكامليا مع اعمال المصادر الاعلامية الاخرى ,لامتقاطعا معه او معاديا له .

أن غلق مكاتب القناة ,لايعني غلق القناة فمكاتب بغداد والمحافظات تنتج برامج محلية ذات صبغة خدمية وثقافية وفنية في الغالب, وهي لاتعني ان القناة سوف تتوقف, ولكن هذا الاغلاق فقط سيحرم انشطة الدولة والمجتمع من جهد القناة ومراسليها في متابعة الحراك السياسي الهادف الى تشكيل الحكومة وبناء الدولة وعكس شكاوى المواطنين ومطاليبهم ووضعها امام المسؤولين لمعالجتها .

 

بقلم: صبري الربيعي

سياسة المواقف المسبقة !

واذ ا اردنا التعمق في الاساليب المستخدمة من قبل الهيئة المعنية واستخبارات قوات بغداد. سنجد انها اساليب نمّت عن مواقف مسبقة معدة للايقاع بهذه القناة, وكادرها, والدليل على ذلك بهتان الحجج الواردة وفقدانها لاي نصيب من القانونية, مما يضع على الهيئة والجهات الاخرى مسؤولية معالجة الامور قبل تفاقمها لتعكس اثارا ضارة على سمعة العراق, في مرحلة من ادق مراحل حياته ,تتمثل في الاعداد ( المستعصي) لتشكيل الحكومة الجديدة ..اذ يحتم ذلك على كافة القوى السياسية والمصادر الاعلامية التعاون من اجل انجاز مهام وطنية كبرى لاتحتمل سياسات المحاور والاقصاء والاستعداء .

في انتظار ( غودو)!

والان..هل ننتظر مجلس النواب لكي يبحث هذه القضية ومشروعية وجود هذه الهيئة وتصرفاتها كما اوضح ذلك عدد من اعضاء مجلس النواب , الذين اشار احدهم الى احتمال استجواب رئيس الهيئة من قبل مجلس النواب اذا بقي الامر على حاله ؟ أم أن الهيئة ومن ورائها سوف يجدون مخرجا يحفظ لهم ماء الوجه لمعالجة هذه المشكلة ..

اننا بخلاف كثيرين , يشدنا التفاؤل الى سيادة نظرة موضوعية جديدة ستنظر بها الجهات المعنية كافة لمعالجة هذه القضية ..والشعب العراقي لايريد بالتأكيد العودة الى الصوت والرأي الواحد والوحيد .. فهل نتعظ؟

(((لنفضح الرواتب الخرافية لاعضاء مجلس النواب والوزراء))