“البغدادية” إجراءات اليوم.. ورسالة الغد

لاأعرف بالضبط تفاصيل ماجرى لفضائية البغدادية وملاكها واطفاء انوارها..

لااعرف الخفايا التي صنفت تحت ( خانة الارهاب) فيما تبرىء الفضائية البغدادية نفسها من التهمة الجاهزة التي ألصقت بها من دون أدلة ولا براهين.

لكن الذي اعرفه مثلما يعرفه سواي من العراقيين.. ان الاجهزة الامنية تتعامل مع الاحداث بطريقة عشوائية وفيها تعميم غير مدروس..

فما ان يحدث انفجار في مكان ما، حتى يتم القاء القبض على كل من كان موجوداً في المكان.. وكان من الممكن ان يكون أحد الضحايا.. ثم يغلق المكان لمدة قد تطول..!

وما ان يغضب بعض سكان مدينة ما ويحملون لافتات تحمل معها مطالب خدمية، حتى يتم حظر التجول فيها.. وما ان تكتشف عبوة في سوق.. حتى يلغى السوق واهله، وماان يتم العثور على متفجرات في سيارة.. حتى تحجز جميع السيارات المتشابهة..

هذه ليست حلولاً جديرة بالبقاء والتكرار.. ولا معالجة لأحداث تتكرر بصيغ واساليب شتى. الحلول تبدأ.. عندما نعرف الاسباب التي تكمن وراء النتائج السلبية والتدميرية هذه.. والاسباب يعرفها (القاصي والداني) ولاتحتاج الى بصيرة ثاقبة ولاعقل حصيف ولا حتى الى البحث عن (خيرة) او (منجم)..

لكن المشكلة تكمن في هذا (العجب) الذي ينتاب العملية السياسية التي لاتتطلب حلاً قيصرياً،وانما تحتاج الى وأد الكارثة التي سببتها هذه العملية التي تعمل، بل تسعى وبشكل حثيث الى تعطيل كل شيء باستثناء الصراع على السلطة..

هنا يكمن عجب خلق الله جميعاً من هذه الدماء التي تسيل وهذه الاموال التي تهدر وهذه البلاد التي يعمها الدمار والخراب من دون ان يعلن أحد قدراً من الغيرة على عراق مهدور الدم من قبل تلك العصابات الاجرامية- من الداخل والخارج- ارتضت ان تمارس معارضتها ضد هذه العمليةالسياسية بطريقة لا يكون فيها الشعب العراقي هو الرماد!

ومع ذلك كله.. مع كل هذه الاسباب الواضحة وامام كل العيون التي تبصر ولاتبصر.. ثمة من يفكر بأن الحل يكمن في إطفاء انوار الفضائية البغدادية واعتقال من تطالهم الصدفة.. ممن يعملون في هذه الفضائية..

ليس هذا دفاعاً عن البغدادية.. فليس لي فيها ناقة ولا جمل، ولكن اسكات صوتها يعنيني وفقء عيونها يعني بصيرتي، ذلك ان البغدادية.. منبر اعلامي له استقلاليته وله خطابه الذي قد نتفق او نختلف معه.. ولكنه منبر لابد ان نحترم خطابه ولنا أن ندينه او نناقشه او نفضح ماخفي من أمره.. وان نتعامل مع اهله بقضاء عادل وادلة ثابتة..

واتخاذ التدابير الاحترازية على وفق هذه الشاكلة من شأن كل فضائية وصحيفة واذاعة.. ومن شأن البعض ان يخنق حنجرة كل بلبل فوق شجرة.

نعم.. القصاص والادانة مطلوبة إزاء كل من يسيء ويتطاول على امن وسلامة الناس ويغتصب حقوقهم واموالهم.. لكن القصاص والادانة والاعتقال واقفال ابواب الاعلام والاعلاميين، يعني ان النقد محظور والرأي معدوم وصوت الاخر مرفوض.. ومن لم يكن معي فهو ضدي. وهذه هي الرسالة التي وصلتنا من الاجراءات التي اتخذت ضد الفضائية البغدادية.. فهل نحن مخطئون في تفسير هذه الرسالة.. نامل ان نكون كذلك.. حتى نصحح اخطاءنا..

 

بقلم: حسب الله يحيى