الاسباب الحقيقية حول غلق البغدادية

شهر تقريبا مر على غلق مكاتب الفضائية البغدادية في بغداد وباقي محافظات العراق وانا اقف مراقب للاحداث والاراء التي طرحت حول الاسباب الحقيقية وراء غلق هذه المكاتب وسمعت وجهات نظر كثيرة ومتعددة ومنها

وجهة نظر الحكومة ومن يطبل ويصفق للسلطان واخرى وجهات نظر حيادية ووجهات نظر متطرفة الى جهة البغدادية .

والحق يقال ان طيلة فترة بث البغدادية منذ تاسيسها حتى هذه اللحظة لم نعهدها ترتبط او تمجد او تطبل او تروج لجهة على حساب الاخرى , وانا شخصيا لم استطع تحديد هوية هذه القناة او انتمائها الطائفي او هل هي اسلامية ام علمانية, فعليه لا يمكن اقول عليها سوى انها بغدادية . وبعد قرار الاغلاق تاكد تصوري عنها واصبحت لي رغبة ملحة بل امنية ان اعمل او اظهر على هذه الشاشة لطرح ارائي وتحليلاتي السياسية .

ان ماذكر في وسائل الاعلام الحكومية حول اسباب غلق المكاتب هو ارتباط البغدادية بتنظيمات ارهابية وما شاكل ذلك وهي تهمة جاهزة لكل من تريد الحكومة اقصائه . والشيء المدهش المضحك هو ادعاء الحكومة بان الاعلام حر ولا توجد سياسة تكميم الافواه , وها انذا اكتب مقالتي هذه كما كتبت سابقاتها باسماء مستعارة حفاظا على نفسي وعائلتي , ورحم الله الجواهري حين قال

تقدمني من لست ارضى اصطحابه وطاولني من لم يكن بعدادي

الى الان في بغداد خنق صراحــــة وتعذيب الاف من اجل احــاد

ان من وجهات النظر التي ذكرت حول هذا الموضوع هو تعارض افكار هذه القناة مع افكار وتوجهات الحكومة , واخرين ذكروا ان السبب الحقيقي هو انها تطرح مشاكل الناس وتثير الشارع العراقي ضد السلطة , ويبدو ان مشاكل ومعانات المواطن العراقي يجب ان تبقى دائما بعيدة عن انظار المسؤول لنيل رضى الحكومة .

ان ما يطرح في الفضائية البغدادية من نقد يطرح في كل القنوات الاخرى وان البرنامج الذي اثيرت حوله المشاكل والذي يحمل عنوان يسعد صباحك ياعراق ويقدمه شاب اسمه ميناس السهيل ومضمون البرنامج هو النزول الى الشارع للاطلاع عن قرب على معاناة المواطن , فهناك برنامج مشابه له يقدم في قناة الحرية . اما البرامج السياسية وما يناقش بها من افكار وتوجه بها الانتقادات الى هذه الجهة اوتلك فان اغلب القنوات العراقية مليئة بمثل هذه البرامج . واعود واكرر ان مايطرح في البغدادية يطرح ايضا في بقية القنوات , لكن الفرق بين البغدادية وباقي الفضائيات العراقية والتي لها مكاتب في بغداد والمحافظات هو نقطتين اساسيتين . اولاهما انه لاتوجد قوة سياسية تلتزم او تدعم هذه القناة , او على الاقل ان البغدادية لاتلتزم جهة احدى القوى السياسية والتي من شانها مستقبلا ان تقف بجانب القناة في حال تعرضها الى مثل هذه المشكلة . والنقطة الثانية والاهم هي ان البغدادية هي القناة الوحيدة من القنوات العراقية التي تعمل مكاتبها في العراق وتنتقد الاكراد في مطالبهم وسياساتهم اذا كانت تلك المطالب بعيدة عن الروح الوطنية وتتطلع للحصول على مكاسب فئوية على حساب الفئات الاخرى . اشدد واكرر ان سبب اغلاق مكاتب البغدادية هو انتقادها الى الجهة التي تتحكم بمصير العراق . صحيح ان شرط غلق البغدادية لم يكن ضمن اللائحة ذات التسعة عشر نقطة التي كان يطالب بها الاكراد كشرط لقبول الدخول في العملية السياسية ودعم جهة معينة على حساب الاخرى , لكن غلق القناة كان شرطا من الشروط غير المعلنة بين القوى الكردية ودولة القانون متمثلة بشخص السيد نوري المالكي مقابل دعمه لتشكيل الحكومة . ولو رجعنا قليلا الى الماضي القريب وحصرا في البرامج الثلاث (المختصر) للدكتور عبد الحميد الصائح و(حوار الطرشان) للسيد داود الفرحان وبرنامج (يسعد صباحك ياعراق) للسيد ميناس السهيل لوجدنا في برنامج السهيل انتقاد الشارع العراقي الى سياسات الاكراد ضد العرب في كردستان وانتقادهم ايضا لمطالبة الاكراد بمدينة كركوك . اما في (المختصر) فان السيد الصائح غالبا ما كان يحرج الشخصيات الكردية في طروحاته وخاصة عندما يتكلمون بصيغة (الانتم والنحن) وهذا ما حدث فعلا في احدى الحلقات الاخيرة من هذا البرنامج قبل قرار المنع والتي استضيف بها السياسي الكردي محمود عثمان والذي تكلم في البرنامج بطريقة (النحن والانتم) حتى استوقفه السيد الصائح قائلا له من نحن ومن انتم فكلنا عراقيون . اما السيد داود الفرحان في برنامجه حوار الطرشان فلم يترك مثلبة للاكراد دون ان يكشفها ويطرحها للناس .

ان مشكلة البغدادية هي صفقة عقدت بين دولة القانون والائتلاف الكردي فعليه فلا يمكن وعلى الاقل في الاربع سنوات القادمة ان يسمح السيد رئيس الوزراء للقناة بفتح مكاتبا الا اذا اتفق الطرفان على ذلك . واتمنى ان اكون مخطئا .

 

كاتب حر