الإعلام العراقي …الخوف من الحقيقة …!

كثر من 90% من العوائل العراقية تشاهد قناة ال mbc او قناة ابوظبي او غيرها من القنوات العربية، بينما تفتقر نحو مائة فضائية عراقية للجمهور العراقي .

أين الخلل فيما يحصل ..؟

المشكلة الأولى تأتي في إنطواء هذه القنوات المائة على خطاب طائفي تبشيري أو تحريضي ، استنفذ اغراضه منذ السنوات الأولى للصراع الطائفي ، لكن المحركات الفكرية والسياسية لهذه القنوات تجمدت على ثوابت منهجية سخيفة وممجوجة شعبيا ..، والكلام يشمل الصحف ووسائل البث الأخرى .

المشكلة الثانية تتمثل في خوف وسائل البث والإعلام من الحقائق ، وهي اذ تحاذر من الغوص في الغاطس السياسي والإجرامي للواقع العراقي الغارق بالدم والفساد والجريمة ، فأن مظاهر التزييف والكذب في اختراع واقع وهمي ، كما تظهره هذه الوسائل ، صار يتقاطع مع وعي الفرد العراقي ولايحظى سوى بسخريته ومقاطعته .

العامل الآخر في هذه الإشكالية هو ان غالبية العاملين في قطاع الإعلام قد تحدروا لهذا القطاع من مواقع واختصاصات بعيدة تماما عن روح ووعي وشروط المهنية الإعلامية ، ولعل افضلهم يصنف على الدرجة الثالثة من الطبقة السياسية الفاشلة والفاسدة ، وكنا نشاهد كيف تعاملت الحكومة مع شبكة الإعلام العراقي وهيئة الإعلام والإتصالات ، واحالتهما الى مستودع لتجميع الأميين والفاسدين والفاشلين سياسيا من ذوي التاريخ المخزي .

الموضوع الجوهري الذي يجدر التوقف عنده هو ان الأحزاب المتنفذة والحاكمة في التجربة السياسية خلال السنوات العشر الماضية ، انها احزاب اصولية لاتؤمن بالنقد والحس الرقابي المعارض للفساد والإنحراف ، لهذا فأنها تتطاير هلعا من الصحافة الحرة ودورها الرقابي والنقدي .
للإنصاف نقول ان بعض القنوات الفضائية حاولت الخروج من هذا التصنيف أو التوصيف ، ومنها قنوات البغدادية والشرقية والسومرية والرشيد والحرية، لكن بعضها تعرض للإيقاف من قبل الحكومة والآخر تمت مصادرته بالرشى والعقود والمبالغ المالية المغرية ، الى درجة ان بعضها اصبح لايستطيع ان يعين سكرتير تحرير اخبار دون اخذ موافقة المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء …!!؟؟؟

هكذا خسرنا المؤسسة الإعلامية الحرة والشجاعة التي تشكل احد اهم مرتكزات النظام الديمقراطي، ولم يتبق سوى إعلام بائس خائف يرتجف امام حقائق الواقع المر الذي يعيشه ابناء الشعب في جحيم لايهدأ ..!
ترى هل تتنبه الحكومة الجديدة لهذه الحقيقة أم تترك الحبل على الغارب ؟؟