اجندة “البغدادية”

في زمن كثر فيه الحديث عن الاجندات لاسيما الاعلامية منها لم يعد بمقدور احد غض الطرف عن اجندات وارتباطات بهذا الطرف او ذاك او بهذه الجهة او تلك, لهذه المؤسسة الاعلامية او تلك. ومع الانتشار الهائل للبث

الفضائي وما يفرضه هو الاخر من استحقاقات فان الحديث عن مفهوم الاستقلالية في الاعلام امر ينقصه الكثير من الدقة. لكن هناك على نحو ما استثناءات وان تكن نادرة لكنها تحتاج الى تسليط الضوء عليها سواء من باب الانصاف او العدالة او احقاق الحق. ولعل قناة “البغدادية” تشكل إنموذجا يستحق التوقف عنده لاسيما “الاجندة” التي تحملها والتي هي اجندة عراقية خالصة بعيدا عن التحزب او التطيف او التمذهب لاي حزب او قومية او عرق.

 

ورب هناك من يسال .. اذا كان الامر كذلك فلماذا تعرضت ولاتزال تتعرض لضغوط او هجمات متوالية؟ مكاتبها اغلقت في العراق فترة من الزمن, تخضع لتهديد من هذه الجهة او تلك, يتعرض كادرها للاعتداء بين فترة واخرى اخرها ما حصل الاسبوع الماضي , حيث تعرض عدد من مراسليها ومصوريها الى اعتداءات من قبل افراد في الشرطة والجيش, واحيانا تمنع من تغطية هذا الحدث او ذاك بحجج مختلفة؟ والجواب هو ان هناك خيطا رفيعا بين الكشف عن الحقيقة وبين التحريض على العنف بكل اشكاله بمن في ذلك العنف الطائفي. وهناك للاسف من لايفرض بين التحريض وبين الكشف.

اذا اردنا تحديد معايير لكيفية التعامل مع هوية او توجه اية قناة فضائية فليس من حقنا مطالبة قناة تنطق بلسان حزب او كتلة او مذهب او حكومة ان تخرج عن جلدها او تفارق هويتها وتغرد خارج السرب. ان اكثر ما نطالب به فضائيات من هذا النوع هو المهنية والحرفية التي بدونها يتحول الخطاب الاعلامي اما الى خطاب تحريضي او تهريجي او تسقيطي. لكن امر “البغدادية” مختلف , فهي قناة ممولة من قبل شخص ولكنها مملوكة من قبل الشعب العراقي. وهذا ما يفصح عنه خطابها الذي ليس بوسع احد ان يقول عنه انه عربي ام كردي, شيعي ام سني, مسلم ام مسيحي.

واذا كان بالامكان تفهم ان تتولى جهة سياسية او حزبية محاربة البغدادية بهذه الصيغة او تلك او يجد طرف منافس للبغدادية او ذو اجندة مختلفة بان “كل عيوب الشر عبيها” فاننا نستغرب اشد الاستغراب ان يتولى الاعتداء على مصطفى الربيعي الصحفي الشاب المهني والمؤدب والعديد من زملائه من مراسلين ومصورين رجال جيش او شرطة وهم كما يفترض من عامة الشعب لا محسوبين على طرف معين. ان هذا لايدخل في خانة القلق الاعلامي فقط وانما يدخل فيما هو اكبر بكثير. فالتحريض على العنف او الشحن الطائفي هو ما ينبغي الوقوف بوجهه ومحاربته بلا هوادة. ولكن حتى هذا فانه لابد ان يتم في اطار القوانين والضوابط الاصولية وليس عبر الهراوات وتكسير الكاميرات. واذا كان يؤخذ على البغدادية من قبل البعض التحريض فانها نعم ضالعة في التحريض لكن على محاربة الفساد والكشف عن المفسدين والسراق وبالوثائق والادلة. ولا اظن ان هذا يدخل في اطار الاجندة .. القطرية او التركية!!

 

بقلم: حمزة مصطفى