“فيتو” روسي يُفشل قراراً بمجلس الأمن يدين انضمام أراض أوكرانية

فشل مجلس الأمن، الجمعة، في تمرير مشروع قرار يدين موسكو لانضمام أراض أوكرانية إلى الاتحاد الروسي، بعدما استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار الذي صوت عليه 10 أعضاء، فيما امتنع 4 أعضاء آخرين عن التصويت، وهم الصين والهند والبرازيل والجابون.

وشهدت الجلسة تأكيداً غربياً على أن “الحدود الأوكرانية لم تتغير”، وأن الإعلان الروسي “لا تترتب عليه أي آثار قانونية”، فيما أعربت الصين والهند عن قلقهما من امتداد آثار النزاع، وطالبتا ببذل كل الجهد للوصول إلى تسوية سليمة.

ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، اتفاقيات لانام أربعة أقاليم أوكرانية، هي خيرسون وزابوروجيا ودونيتسك ولوغانسك إلى الاتحاد الروسي.

“لا عودة عن قرار الانضمام”

المندوب الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، قال في كلمته التي ألقاها قبيل التصويت، إن نتيجة الاستفتاءات التي عقدت في أوكرانيا ستعتمد من قبل البرلمان الروسي وأن “لا عودة عن هذا القرار”.

وأشار إلى أن “حرية التعبير عن إرادة الشعوب تشكل عنصراً هاماً في القرار”، واتهم “الشركاء الغربيين” بأنهم “لا يسعون للسلام”، قائلاً إنهم برهنوا مجدداً على أنهم “يحلمون بهزيمة روسيا عبر أعمال عدائية ضدنا”.

وقال إن من صاغوا هذه الوثيقة (مشروع القانون) “يعتمدون أساليب غير شفافة في التنسيق، ولا يرغبون في الاستماع للآخر”. وأعرب عن أمله في أن “يتصدى الجميع لهذه الضغوط، ورفض مشروع القرار”. وندد بـ”هيمنة الدولة الواحدة”.

المندوب الروسي بالأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يلقي كلمته أمام جلسة مجلس الأمن قبل التصويت على مشروع قرار بإدانة انضمام أراض أوكرانية للاتحاد الروسي - نيويورك - 30 سبتمبر 2022 - AFP
المندوب الروسي بالأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يلقي كلمته أمام جلسة مجلس الأمن قبل التصويت على مشروع قرار بإدانة انضمام أراض أوكرانية للاتحاد الروسي – نيويورك – 30 سبتمبر 2022 – AFP

 “عزلة روسيا”

ممثل أوكرانيا في مجلس الأمن سيرجي كيسليتسيا، اعتبر أن نتيجة التصويت “تظهر عزلة روسيا”، وأشار إلى أن “مبعوث بوتين (المندوب الروسي) خطى خطوات رئيسه في موسكو، وحاول أن ينكر الأمور الواضحة”، مشيراً إلى أن “النظام العدواني في روسيا يخطو نحو هزيمته المحتومة”.

وأشار إلى “أكاذيب لا علاقة لها بالواقع”، معتبراً أن “بوتين حاول أن يستحوذ على أراضي لا يسيطر عليها مادياً”، مضيفاً أن القوات الأوكرانية “ما زالت مستمرة في عملياتها من أجل تحرير أراضيها”.

وقال إن السبيل الوحيد من أجل ضمان أمن الأوكرانيين هو “إعادة رفع العلم الأوكراني على الأراضي المحتلة في دونباس والقرم”.

وشدد على أن أوكرانيا “لها كل الحق في تحرير أراضيها وستستمر في ذلك، بغض النظر عن أفعال وحديث روسيا”.

المندوبة الألبانية في المجلس، شددت على أن “الضم غير القانوني لا يجب الاعتراف به”، وكررت نداءها لجميع الدول والمنظمات الدولية بعدم الإقرار بأي حيازة لأي أجزاء من أراضي أوكرانية، والامتناع عن أي معاملات قد تفسر على أنها اعتراف بهذه الحيازة.

وقالت: “يجب أن ندين السلوك غير المقبول وندافع عن أوكرانيا”، معتبرة أن هذا بمثابة “دفاع عن النظام العالمي”. وشددت على أن بلادها لن تعترف أبداً بنتائج هذا الضم.

قلق صيني من امتداد الأزمة

ممثل الصين في الأمم المتحدة تشانج جون، قال إن بلاده امتنعت عن التصويت في اتساق مع موقفها من النزاع.

وقال: “موقفنا متسق وواضح، ينبغي الحفاظ على السلامة الإقليمية وسيادة كل الدول وصونها. الميثاق الأممي يجب أن يحترم وكذلك الشواغل الأمنية لكل الأطراف يجب أن تؤخذ في الاعتبار. ويجب اتخاذ كل جهود التسوية السلمية”. 

وأشار إلى أن الأزمة في أوكرانيا وما خلفته “تركت آثاراً سلبية كبيرة على المجتمع الدولي”، وأعرب عن قلق الصين من “احتمالات امتداد الأزمة”.

وأشار إلى أن “الصين قلقة للغاية من هذه الاحتمالات”، مشدداً على أن “الأولوية الملحة الآن هي بذل كل جهد ممكن لنزع فتيل التوتر، وفتح الباب أمام تسوية سلمية والتفاوض على الشواغل الأمنية الشرعية للوصول إلى وقف إطلاق للنار بشكل سريع”.

وشدد على أن مجلس الأمن “هو قلب المنظومة الدولية”، ويجب أن يعمل “بالحياد والموضوعية، وأن يستخدم كل أدوات الوساطة للعب دور بناء ومسؤول للتسوية السلمية للأزمة الأوكرانية”. 

ولفت إلى أن أي عمل داخل المجلس “يجب أن يؤدي إلى خفض التوتر، وتسوية النزاع بدلاً من مفاقمته”.

وتابع أن الأزمة في أوكرانيا “هي نتيجة تراكمات وتفاعل عدة أطراف خلال فترة طويلة”، وحذر من أن العزل السياسي والعقوبات قد يؤدي إلى تفاقم النزاعات وليس السلام”

وقال إن الصين تدعو كل الأطراف المعنية إلى أن تتحلى بالمسؤولة، وأن تلتزم بضبط النفس، مشدداً على أن بكين “كانت إلى جانب السلام وستستمر في لعب دور بناء لتسوية الأزمة”

امتناع الهند عن الإدانة

ممثلة الهند في مجلس الأمن والتي امتنعت عن التصويت، أعربت عن بالغ قلقها من التطورات الأخيرة في الأزمة الأوكرانية، وقالت إن بلادها “لطالما أكدت أنه “ما من حل يمكن الوصول إليه بتكلفة بشرية”. 

وحثت المندوبة جميع الأطراف على “الوقف الفوري لكل الأعمال العدائية والعنف”، مشددة على أن الحوار “هو السبيل الوحيد لتسوية النزاعات حتى وإن بدا كعبء ثقيل”.

وقالت إن السبيل نحو السلام “يتطلب إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة”، وأشارت إلى أن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي “نقل هذه الرسالة بشكل واضح، بما فيه خلال لقائه مع قادة روسيا وأوكرانيا، وحث على استئناف سريع لمحادثات السلام لضمان وقف إطلاق نار فوري”.

وقالت إن موقف الهند كان “واضحاً ومتسقاً منذ بداية النزاع”، مشيرة إلى أن النظام العالمي “مرسخ في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهو ينص على احترام سيادة الدول واستقلالها”.

واعتبرت أن تصعيد الخطاب “لن يصب في مصلحة أي من الأطراف، ويجب إيجاد سبل للعودة إلى طاولة المفاوضات. ولذا قررت الهند الامتناع عن التصويت على هذا القرار”.

“عرقلة مجلس الأمن”

بدورها، قالت ممثلة النرويج مونا جول، إن بلادها صوتت لصالح القرار لأن مجلس الأمن “عليه أن يتحمل مسؤوليته في العمل على منع العدوان، والفظائع وأي انتهاك للسلامة الإقليمية”.

واتهمت روسيا بـ”عرقلة جهود مجلس الأمن”، مضيفة أن “القرار لم يعتمد بسبب استخدام حق النقض من قبل عضو واحد وهو روسيا الدولة المعتدية”.

ونددت بـ”عملية ضم غير قانوني لأراض أوكرانية”.

وأشارت إلى تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، الخميس، والذي أكد فيه أن “أي ضم لأراضي دولة أخر ىكنتيجة للتهديد بالقوة هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة وانتهاك القانون الدولي”.

وشددت على أن أي مخرجات أعلنتها روسيا في موسكو الجمعة “ليس لها أي آثار قانونية، ولن تغير أي شيء في حدود أوكرانيا”. وقالت إن على روسيا مسؤولية واضحة في احترام الميثاق الأممي.

الإمارات: تطورات خطرة

مندوبة الإمارات العربية المتحدة لانا زكي نسيبة، أشارت إلى أن الاستفتاءات التي عقدت خلال النزاع الجاري والإعلان عن انضمام الأقاليم الأوكرانية الجمعة إلى الاتحاد الروسي، هي “تطورات خطرة لهذا النزاع”.

واعتبرت أن تلك الاستفتاءات “تجعل من إيجاد حل سلمي أكثر صعوبة، وتؤثر على سلامة وسيادة واستقلال دولة عضو في الأمم المتحدة، وهي أمور لها مكانة مركزية في العلاقات بين الدولة الأعضاء”.

وشددت على أن هذه المبادئ “تحمي الدول الصغيرة والكبيرة والقوية والضعيفة، وهذا هو الذي استندنا إليه في تصويتنا لصالح القرار”.

وأشارت المندوبة الإماراتية إلى أنه “فيما رسّخ ميثاق الأمم المتحدة حق تقرير المصير، إلا أن أي توترات بين هذا المبدأ والسيادة والاستقلال يلغي بعضه بعضاً”.

وشدّدت على أنه “يجب أن يكون هناك تصريح واضح من المجلس بشأن تلك المبادئ، ولهذا صوتنا لصالح القرار”.

وبينت أن التسوية السلمية لهذا النزاع “تكمن في حلول يشارك فيها الطرفين”، وحثت روسيا وأوكرانيا على القيام بذلك.

وقالت إن الحرب “طالت أكثر مما ينبغي، وأوقعت عدداً أكبر مما ينبغي من الأرواح”، مضيفة أنه “يجب التوقف عن التصعيد والمساعدة في خلق الظروف الملائمة للسلام”.https://cdn.iframe.ly/46irook

امتناع الجابون عن التصويت

وبرّر مندوب الجابون امتناع بلاده عن التصويت على القرار، لأن “موقف بلادي واضح، نحن ضد الحرب ومع الحل الدبلوماسي، ومنذ بداية الأزمة قلنا في هذه القاعة أننا نؤيد تماماً احترام مبادئ الميثاق”.

وقال: “سنستمر بالدعوة لوقف الأعمال العدائية وإطلاق المفاوضات بحسن نية، وسنستمر في المطالبة بالحوار والتفاوض لوضع نهاية لهذه الحرب”.

“لا أحد أيد روسيا”

ونددت فرنسا بانضمام الأقاليم الأوكرانية للاتحاد الروسي، وقالت إن هذه المناطق “جزء لا يتجزأ من أوكرانيا وحدودها”.

وشددت على أن فرنسا “لن تعترف بهذا الضم أو الاستفتاءت التي أجريت”، وقالت إنها تمثل انتهاكاً فادحاً لسيادة أوكرانيا.

وقالت المندوبة البريطانية في المجلس باربرا وودورد، إن روسيا “أساءت استخدام حق النقض للدفاع عن أعمالها غير القانونية”.

وأضافت أن “إعلان بوتين ضم مناطق أوكرانية ليس له أثر قانوني، وهو من قبيل الوهم والخيال”.

وتابعت أن “الغزو الروسي يجب أن ينتهي، والعالم أوضح ذلك بشلك كامل، ولكن الرد الروسي كان المزيد من التعبئة والحشد والتهديدات النووية”.