ترامب يتجاهل مناشدات الأوروبيين ويتخلى عن الاتفاق “المعيب” مع إيران

* ترامب يقول إن الاتفاق "مروع ومتحيز" وإيران تصف الانسحاب بأنه غير قانوني

* حلفاء أمريكا الأوروبيون قلقون وإسرائيل والسعودية ترحبان بقرار ترامب

* انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قد يزيد الصراع في منطقة الشرق الأوسط (لإضافة تفاصيل واقتباسات وخلفية)

من ستيف هولاند ويارا بيومي

واشنطن/باريس 8 مايو أيار (رويترز) – أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء انسحاب بلاده من اتفاق نووي دولي مع إيران، مما زاد المخاوف من نشوب صراع في الشرق الأوسط وأغضب حلفاء واشنطن الأوروبيين وأوجد حالة من الغموض بشأن إمدادات النفط العالمية.

وذكر ترامب في خطاب مصور من البيت الأبيض أنه سيفرض مجددا العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران بهدف تقويض "اتفاق معيب ومتحيز ما كان يجب إبرامه مطلقا".

ونص الاتفاق الذي وقعته طهران مع الولايات المتحدة وخمس دول كبرى أخرى‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬عام 2015 على تخفيف العقوبات عن إيران مقابل التزامها بكبح برنامجها النووي. ويستهدف الاتفاق منع إيران من حيازة قنبلة نووية.

لكن ترامب قال إن الاتفاق، الذي كان أبرز إنجازات سلفه باراك أوباما في مجال السياسة الخارجية، لم يتصد لبرنامج إيران الخاص بالصواريخ الباليستية أو لأنشطتها النووية بعد عام 2025 أو لدورها في حربي اليمن وسوريا.

ويزيد قرار ترامب التوتر في العلاقات عبر الأطلسي والذي يتصاعد منذ وصوله إلى السلطة في يناير كانون الثاني 2016. وتوجه الزعماء الأوروبيون إلى واشنطن واحدا تلو الآخر وحاولوا تلبية مطالبه بينما ناشدوه أن يحافظ على الاتفاق.

بيد أنه بحلول منتصف الأسبوع الماضي بات واضحا على نحو متزايد لبعض الدبلوماسيين أن ترامب لن يغير رأيه. وقال شخص قريب من المفاوضات "شعرنا أننا نفعل شيئا عديم الأهمية".

بل إن مسؤولا بالبيت الأبيض قال إن أبرز معاوني ترامب لم يجهدوا أنفسهم في الحديث معه لإثنائه عن الانسحاب لأنه كان قد اتخذ قراره بالفعل.

وأبقت إدارة ترامب الباب مفتوحا أمام التفاوض على اتفاق جديد مع الحلفاء، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان الأوروبيون سيؤيدون ذلك وما إذا كان بمقدورهم إقناع إيران بقبوله.

وفي بيان مشترك، قال زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهي الموقعة على الاتفاق إلى جانب الصين وروسيا، إن قرار ترامب يدعو "للأسف والقلق".

وكان دبلوماسي غربي أكثر تحديدا.

وقال "إنه يعلن عقوبات سيكون أول ضحاياها حلفاء ترامب الأوروبيون"، مضيفا أن من الواضح أن ترامب لم يأبه بالتحالف.

وسيكون التخلي عن اتفاق إيران أكثر قرار لترامب ستكون له عواقب في سياسته العالية المخاطر والرهانات "أمريكا أولا"، والتي قادته إلى الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وتقربه من حرب تجارية مع الصين ومن الانسحاب من الاتفاق التجاري لمنطقة آسيا والمحيط الهادي.

كما يعكس الانسحاب فيما يبدو النفوذ المتنامي داخل إدارته لأصحاب النهج المتشدد تجاه إيران مثل وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون. وذكر مسؤول كبير بالبيت الأبيض أن كليهما أيد الانسحاب من الاتفاق لكن لم يتطلب الأمر منهما الضغط على ترامب لأنه كان حسم أمره بالفعل.

وأفاد مصدر بأن ترامب كان يصدق على مضض على إعفاء إيران من العقوبات كل بضعة أشهر وبحلول منتصف 2017 استشاط غضبا من مساعديه لمحاولتهم إقناعه البقاء في الاتفاق.

وأبلغ بولتون الصحفيين أمس الثلاثاء أن ترامب لم ينسحب من الاتفاق إلى الآن "لأن أمامنا فرص عديدة لمحاولة إصلاح الاتفاق".

 

* هل سيفيد المحافظين؟

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستبقى في الاتفاق النووي دون واشنطن. غير أن قرار ترامب قد يرجح كفة المحافظين الساعين إلى الحد من قدرة روحاني على الانفتاح على الغرب.

وتنفي إيران سعيها لصنع أسلحة نووية وتقول إن برنامجها النووي للأغراض السلمية. ويقول مفتشو الأمم المتحدة إن إيران لم تخرق الاتفاق النووي وقال مسؤولون أمريكيون كبار أنفسهم في عدة مناسبات أن إيران ملتزمة نظريا بالاتفاق.

وقال التلفزيون الإيراني الرسمي إن قرار ترامب بالانسحاب "غير قانوني وغير مشروع ويقوض الاتفاقات الدولية".

ومن شأن تجديد العقوبات أن يجعل من الصعب على إيران بيع نفطها في الخارج أو استخدام النظام المصرفي العالمي.

وإيران هي ثالث أكبر دولة مصدرة في منظمة أوبك، إذ تضخ حاليا نحو 3.8 مليون برميل يوميا من الخام أو أقل قليلا من أربعة في المئة من الامدادات العالمية. وتشتري الصين والهند وكوريا الجنوبية معظم صادراتها البالغ حجمها 2.5 مليون برميل يوميا.

وتقول وزارة الخزانة إن العقوبات المتعلقة بقطاعات الطاقة والسيارات والمالية الإيرانية ستخضع للعقوبات مجددا خلال ثلاثة أو ستة أشهر.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين إن التراخيص الصادرة لبوينج وايرباص لبيع طائرات ومكونات لإيران ستُلغى نتيجة لمعاودة فرض العقوبات على طهران، الأمر الذي سيقوض صفقة حجمها 38 مليار دولار.

 

* اتفاق "عفن"

قال ترامب إن الاتفاق النووي لن يمنع إيران من الخداع ومواصلة أنشطتها النووية.

وأضاف "من الواضح بالنسبة لي أننا لا نستطع منع إيران من حيازة قنبلة نووية في ظل الهيكل المتداعي والعفن للاتفاق الحالي… الاتفاق النووي معيب في جوهره".

في غضون ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس في أنحاء الولايات المتحدة وأعلنت نتائجه أمس أن أقل من واحد من كل ثلاثة أمريكيين يؤيد قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق.

وأوضح الاتفاق، الذي أجري بين الرابع والثامن من مايو أيار، قبيل إعلان الرئيس الجمهوري إنهاء الاتفاق، أن 29 في المئة يريدون الانسحاب بينما قال 42 إنهم يودون البقاء، فيما قالت النسبة المتبقية وهي 28 في المئة "لا أعرف".

وعبر ترامب عن استعداده للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران لكن طهران كانت قد استبعدت هذا الاحتمال من قبل وهددت برد لم تحدده إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق.

ووصف أوباما قرار ترامب بأنه "مضلل".

وأوضح أوباما في بيان "اعتقد أن قرار تعريض الاتفاق للخطر دون أي انتهاك من جانب إيران هو خطأ جسيم".

وتشعر واشنطن وإسرائيل ودول عربية حليفة للولايات المتحدة مثل السعودية بقلق بشأن النفوذ السياسي والعسكري المتنامي لإيران في كل من اليمن وسوريا ولبنان والعراق.

وتبادلت إسرائيل ضربات عسكرية مع إيران في سوريا منذ فبراير مما أثار مخاوف من احتمال تصعيد كبير.

وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب تلفزيوني بسياسة ترامب تجاه إيران وأشار إلى التوتر بشأن سوريا.

ورحبت السعودية، خصم إيران اللدود في الشرق الأوسط، وحلفاء واشنطن من دول الخليج العربية الأخرى بقرار ترامب أيضا.

وخصص ترامب جزءا من خطابه "للمعاناة الطويلة للشعب الإيراني" منتقدا حكام إيران قائلا "مستقبل إيران يخص الإيرانيين".