تقرير: سياسة ترامب الدولية المتوترة تأتي في صالح ايران

مع اقتراب موعد تنفيذ المرحلة الثانية من العقوبات الامريكية والتي تستهدف قطاع النفط والنظام المصرفي الايراني، يبدوا ان سياسة ايران في مرحلة ما بعد العقوبات تركز على عدم التفاوض وتقديم التنازلات في وقت يبدو فيه علاقات دونالد ترامب الدولية المتوترة  أتت في صالح إیران، خصوصا مع کل من روسیا و الصین و ترکیا.

وذكر تقرير لموقع البيت الخليجي للدراسات والنشر اليوم (5 ايلول 2018)، انه "بعد خروج الولایات المتحدة من الإتفاق النووي دخلت المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران حيز التنفيذ في السادس من شهر اب الماضي، وتستكمل واشنطن تنفيذ المرحلة الثانية – تستهدف قطاع النفط والنظام المصرفي الإیراني – في الرابع من شهر تشرين الثاني المقبل، ویتزامن هذا الیوم مع ذکری اقتحام السفارة الأمريكية في طهران من قبل مجموعة من الطلاب الإیرانیین العام 1979. وعليه؛ یبدو أنه ورغم مرور 39 عاما على الأزمة الأمریکیة الإیرانیة إلا أنها لم تنتهي بعد، ولا يبدو أنها ستنتهي في المستقبل القریب".

واضاف التقرير، ان "السیاسیين الإیرانیين يصفون اللحظة الراهنة في إیران بأنها حالة حرب حقیقیة ستبدأ معرکتها المصیریة مع عودة العقوبات النفطیة علی إیران، لکن وفي ظل الأزمات الإقتصادیة المتتالیة وعجز حکومة الرئیس الإیراني حسن روحاني عن حلحلة الأوضاع، یقول رئیس الولايات المتحدة دونالد ترمب أنه مستعد للمحادثة والتفاوض مع قادة إیران دون شروط مسبقة".

واوضح ، ان "الرئیس الإیراني رد علی هذه الحالة النفسیة المزدوجة لدی الرئيس دونالد ترمب حیال طهران، مؤكدا أن العودة إلی طاولة المحادثات مع الولایات المتحدة یتطلب عودة واشنطن إلی الإتفاق النووي أولا".

من جهة أخری، ثمة أصوات عدة في إیران تطالب بالتفاوض مع الولایات المتحدة ووضع الخلافات التاریخیة جانبا والمضي في طریق قرار وطني لإنقاذ البلاد من حرب محتملة، لکن يبدو أن المرشد الأعلی للثورة الإيرانية علي خامنئي قد أنهی الجدل حول هذا الموضوع حين قال ان "مسؤولين أمريكيين یتحدثون مؤخرا بصورة وقحة عنا، وإلى جانب العقوبات، هم يتحدثون عن حرب ومفاوضات… لن تكون هناك حرب ولن نتفاوض مع الولايات المتحدة".

لكن هل تستطيع إیران التغلب علی العقوبات الأمریکیة مجدداً؟ وكيف؟

يقول هادي زنوز أستاذ الاقتصاد في جامعة طهران، "يجب على إيران أن تحتفظ بتجارة النفط مع الدول الأوروبية وإستبدال اليورو مع الدولار في تعاملاتها التجارية، وبهذه الطريقة تستطيع إيران التغلب على العقوبات"، في هذه الحالة علی الدول التي ترید أن تحتفظ بعلاقاتها التجاریة مع إیران أن تتفاوض مع الولایات المتحدة لکسب موافقتها لضمان استمرار التعاون التجاري مع إیران".

ويورد التقرير انه "وفي هذا الإطار، يؤكد الرئیس الإیراني حسن روحاني في حدیث مع الرئیس الفرنسي إیمانویل ماکرون قبل أيام بأن إيران تريد الحفاظ على الإتفاق، لكن في الوقت نفسه، إذا لم تكن هناك ضمانات أوروبية واضحة حول القنوات المالية والنقدية والنفطية، فإن طهران سيكون لديها إجراءات أخرى"، فيما اكد الرئيس الفرنسي في هذا الاتصال على الخطوات التي اتخذتها بلاده والدول الأوروبية للحفاظ على الإتفاق النووي.

يرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظریف ان  وعود العواصم الأوروبية ليست کافیة لمعالجة الوضع الراهن معتبرا تصريحات الأوروبیین (إعلان موقف) دون أن يكون هناك خطوات عملیة، ويقول، "رغم أنهم تحركوا إلى الأمام إلا أننا نعتقد أن أوروبا لا تزال غير مستعدة لدفع ثمن تحدي الولايات المتحدة بشكل فعلي"، ودلالة ذلك كان انسحاب شركة النفط الفرنسية "توتال" مؤخرا من إيران بعد إخفاقها في التفاوض مع واشنطن للحصول على إستثناء يتيح لها البقاء في إیران، وسبق أن أعلنت توتال بوضوح أنه سيكون من المستحيل البقاء في إيران ما لم تحصل على استثناء خاص من واشنطن.

ويشير التقرير الى انه "رغم ذلك، تمتلك إیران أذرع ضغط خاصة، علی سبیل المثال؛ حين أعلن رئیس الوزراء العراقي حیدر العبادي أن حکومة بلاده لا تتعاطف مع العقوبات ولا تتفاعل معها ولا تعتبرها صحيحة لکنها ستلتزم بالعقوبات لحماية شعبها، تعرض العبادي بعد بضعة أيام لموجة انتقادات لاذعة ما أدی إلی تراجعه عن کلامه مدليا بتصریح جدید أكد فيه أن حكومته ملتزمة بعدم التعامل بالدولار مع إيران فقط وليس بكل العقوبات الأمريكية الأخيرة".

من جهة أخرى طلب روحاني من لجنة التخطیط والمیزانیة برئاسة محمد باقر نوبخت تقدیم مقترح لمواجهة الجولة الجدیدة من العقوبات الأمريکیة في تشرين الاول المقبل و قدمت اللجنة حزمة من الحلول تتشکل من 12 بندا تم إعدادها من قبل خبراء، بالإضافة إلى عدد من الأكاديميين و الخبراء في الاقتصاد.

 واضاف، انه "وبغض النظر عن هذه الحزمة ومدى فاعليتها علی آثار العقوبات الأمیرکیة، شركاء إيران الاقتصاديين خاصة الصین، روسیا و بالإضافة إلی ترکیا لدیهم القدرة الکافیة لإنقاذ ایران و اقتصادها من عقوبات واشنطن التعجیزیة".

فعلى الأرض، ستستمر الشرکات الروسیة في شراء الغاز الإیراني، ولن تواجه الصین تحدیات تذكر ذلك أنها تستخدم العملة الصینیة فی تجارتها مع إیران وشراء النفط فضلا عن إعلانها مؤخرا بأنها لن تلتزم بالعقوبات، من جهة أخری يبدو موقف ترکیا بعد الأزمة الدبلوماسیة مع الولایات المتحدة رافضا للعقوبات الأمریکیة علی ایران، مؤكدة أنها لن تلتزم بها على لسان وزیر الخارجیة الترکي مولود جاوش أوغلو الذي أكد أن أنقرة أبلغت واشنطن بأنها لن تتوقف عن استيراد النفط والغاز من الإيرانيين، في وقت تستورد انقرة 50% من احتياجاتها النفطیة من إیران.

وينقل التقرير عن خبراء قولهم، أن "علاقات دونالد ترامب المتوترة أتت في صالح إیران، خصوصا مع کل من روسیا، الصین، ترکیا. إذ تشكل هذه الدول قوة اقتصادية ومجموعة باستطاعتها تقلیص التأثیرات السلبیة للعقوبات الأمیرکیة علی هذه الدول فضلا عن تشکیل جبهة موحدة لمواجهة الحرب الإقتصادیة الأمریکیة القادمة.

وخلص الى انه "على أي حال، وفي المحور الداخلي تحديدا، ومع إتساع دائرة الضغط علی الرئيس حسن روحاني وحکومته في الداخل، تبدو الأشهر المقبلة مصیریة، وثمة من يراهن على ضرورة اغتنام التیارات السیاسیة الإیرانیة هذه الفرصة للتغلب علی الوضع الراهن والحفاظ علی الوحدة الوطنیة".

وقبالة ذلك، "لا يبدو أن واشنطن تدرك بأن العقوبات لن تدفع إيران إلى طاولة المفاوضات، ولن تبعد طهران عن حلفائها في سوریا أو الیمن أو لبنان، خصوصا وأن طهران تعتبر الحضور والنفوذ الإیراني في الشرق الأوسط أهم أداة ضغط لإیران أمام أعدائها في المنطقة. فعليا؛ ولا ينبغي على واشنطن وحلفائها من الدول العربیة أن یتوقعوا بأن طهران ستتنازل عن هذا الحضور والنفوذ، خصوصا وأنها استطاعت مساعدة حلیفتها دمشق في ظروف كانت أكثر شدة وقسوة".