صحيفة: الحكومة العراقية تفشل في تطويق احتجاجات البصرة وتمتد لباقي المحافظات

يسابق رئيس الوزراء حيدر العبادي الزمن لمنع اتساع رقعة الاحتجاجات والتظاهرات التي اندلعت في البصرة من التوسع الى محافظات اخرى ليست افضل حالا من النواحي الاقتصادية والاجاتماعية والامنية عبر اغداق الوعود السخية في المناطق التي تشهد المظاهرات في وقت تعاني فيه البلاد ازمة اعمق تطال أسس تجربة حكم أصبحت غير قابلة للترقيع.

ووفقا لصحيفة العرب اللندنية، فقد سارع رئيس الوزراء حيدر العبادي، امس الجمعة، إلى زيارة محافظة البصرة، حيث اندلعت موجة احتجاجات عارمة، مرتبطة بالأوضاع الاجتماعية السيئة في المحافظة، لكنها بحسب متابعين للشأن العراقي، غير منفصلة عن حالة من الغضب الشعبي المتراكم من تجربة الحكم في البلاد، والتي بدا أنها قد بلغت حدودها القصوى وأصبحت عصية عن الإصلاح والترقيع، بعد أن أنتجت وضعا أقرب إلى الكارثة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية".

وما يضاعف من حرج الموقف، ان "الاحتجاجات اندلعت هذه المرة في جنوب البلاد، المعقل الرئيسي للأحزاب الشيعية الحاكمة، وموطن قواعدها الشعبية، وجاءت في فترة انتقالية قبل تشكيل حكومة جديدة، وبعد انتخابات برلمانية شابتها شبهات تلاعب وتزوير واسعي النطاق، وبرز من خلالها مجددا فساد الطبقة السياسية وتكالبها على الحكم وسعيها للوصول إليه بأي ثمن"، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من رئاسة الوزراء تأكيدها وجود مخاوف جدية لدى حكومة بغداد، من توسع نطاق الاحتجاجات لتشمل محافظات أخرى في جنوب ووسط وشمال البلاد، ليست أفضل حالا من البصرة في مجال الخدمات ولا في نسبة البطالة، ومستوى الأمن.

وكانت حكومة العبادي اغدقت بالتزامن مع زيارته للبصرة وعودا سخية لسكان المحافظة، عكست سعيها لتطويق موجة الغضب بأي ثمن، وحتى دون التفكير في كيفية توفير الموارد المادية اللازمة لتنفيذ تلك الوعود عبر تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الأوضاع في محافظة البصرة اعلنت عن إجراءات عاجلة لتوفير مياه الشرب والطاقة الكهربائية لسكان المحافظة، فضلا عن إيجاد عشرة آلاف وظيفة للعاطين عن العمل بشكل فوري.

ورغم الإعلان عن تلك الإجراءات فقد اتجهت الاحتجاجات نحو التوسع، وامتدت الجمعة إلى منطقة أم قصر بأقصى جنوب العراق، فيما أغلق المحتجون الطريق المؤدي للميناء وأوقفوا حركة الشاحنات في الاتجاهين.

ويطالب المتظاهرون في المحافظة النفطية الاولى في العراق بتوفير فرص عمل للشباب وتأمين الخدمات وخصوصا الكهرباء، ويحمّلون الحكومة مسؤولية تفاقم الوضع بسبب عدم إيجاد حلول.

وقد اعلنت المرجعية الشيعية العليا تضامنها مع المحتجين، مطالبة الحكومة بإيجاد حلول سريعة، وقال الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، ممثل المرجع الأعلى علي السيستاني، في خطبة صلاة الجمعة في كربلاء انه "ليس من الإنصاف ولا من المقبول أبدا أن تكون هذه المحافظة المعطاء من أكثر مناطق العراق بؤسا وحرمانا".

ويقول بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ممن يبدون مساندتهم لاحتجاجات البصرة، إن "إلصاق وصمة العنف بالاحتجاجات هدفه تبرير ما يمكن أن يتم اللجوء إليه من عنف لقمعها من قبل القوى الأمنية، وحتى من قبل ميليشيات الأحزاب الشيعية الموجودة بكثافة في مناطق جنوب العراق، والحريصة على حماية تجربة الحكم التي تقودها تلك الأحزاب".

وفي تطور ذي صلة اعلن المرجع الديني محمد مهدي الخالصي، المعروف بانتقاده للعملية السياسية ككل ولطريقة الحكم في البلاد، انه "يؤيد المطالب المشروعة للمحتجين في البصرة وباقي محافظات العراق، داعيا إلى عدم فسح المجال للكتل السياسية وللفاسدين لاستغلالها الاحتجاجات لأغراض سياسية مريبة".

وقال في خطبة الجمعة، انه "لا أمل في إصلاح جدي إلا في إطار عملية سياسية وطنية عراقية تنبع من إرادة عراقية حرة تحقق استقلال الوطن وكرامته وتطلق طاقاته لإعادة إعماره وحفظ سيادة نظامه".

وغير بعيد عن هذا السياق، اعتبر زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي ما يجري بالبصرة نتيجة لتراكمات سابقة، وقال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ان "انتفاضة ‫البصرة ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكمية لسوء الإدارة والفشل في التعامل مع أبسط متطلبات أهل المحافظة من قبل الحكومات المحلية والاتحادية المتعاقبة".

وأضاف، ان "البصرة ليست بحاجة لمسكنات، بل لحلول جذرية تضع حدا لمعاناة أهلها وفق برامج وخطط حقيقية ضمن توقيتات زمنية محددة"، متسائلا "كيف يكتب للمريض الشفاء إذا استخدمت في علاجه ذات الأدوية التي ادت لتردي وضعه الصحي".