آراب ويكلي: مشكلات العراقيين أكبر من قدرة الحكومة الحاليّة

مع قلب صفحة عام 2018 فإن حجم ما تستطيع الحكومة العراقية أن تبذله من تحسين خدمات وتعزيز التنمية سيكون بمثابة التحديات الرئيسة التي تحدد مسار العراق في العام الجديد

الباحث فنار حداد، زميل معهد الشرق الاوسط في جامعة سنغافورة الوطنية يقول: “أعتقد أن عام 2019 سيكون عاما مضطربا جدا بالنسبة للعراق اذا ما لم يتم تحقيق تقدم جوهري في معالجة المشاكل التي اشعلت احتجاجات الصيف لعام 2018″، مشيرا الى انه بغض النظر عما يتعلق بالجانب الامني وما تحقق فيه فان العراقيين يتطلعون لرؤية اصلاحات وتقدم يطرأ على حياتهم اليومية عبر توفير خدمات وإدارة صحيحة وعدالة اجتماعية وتحسين الظروف الاقتصادية. كانت هناك موجة من الاحتجاجات في صيف عام 2018 وبينما وصلت دراجة الحرارة لأعلى معدلاتها خرج المتظاهرون الى الشوارع معبرين عن غضبهم إزاء الفساد وانعدام الخدمات بضمنها انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر وعدم توافر مياه صالحة للشرب. محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط محور هذا الاستياء تستمر فيها لاحتجاجات حتى الآن.
دخلت البلاد العام الجديد وسط أزمة سياسية حول توزيع مناصب وزارية. حصل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، على مصادقة البرلمان لمعظم أعضاء كابينته الوزارية سوى حقائب وزارية رئيسة ماتزال شاغرة وهي الدفاع والداخلية والعدل.
منصب وزير الداخلية سيبقى يشكل نقطة خلاف بين كبريات الكتل السياسية. كتلة البناء بزعامة هادي العامري لم تبد أي رغبة بالتخلي عن مرشحها فالح الفياض لوزارة الداخلية.
مهند شيلوم، خبير عراقي من جامعة أيكستر البريطانية قال: “الوضع سيبقى على ما هو عليه في عام 2019. ولكن الحكومة ستستقر وبحلول شهر آذار سيكون لعبد المهدي حكومة كاملة.” بعد مرور أكثر من عام على إعلان الحكومة هزيمة تنظيم داعش فإن كثيراً من أجزاء البلاد التي كانت مرة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي هي بحاجة ماسة الآن لإعادة الإعمار. ملايين ما يزالون نازحين وتنظيم داعش مستمر بتنفيذ هجمات مميتة . تقرير حول تخمينات الضرر والاحتياجات أعده البنك الدولي في كانون الثاني عام 2018 بيّن بأن احتياجات العراق لإعادة الإعمار والتأهيل قد تصل الى 88.2 مليار دولار، وهو تخمين كرره ايضا مسؤولون عراقيون مع احتياجهم لـ 22.9 مليار دولار على المدى القصير. وقدر قطاع الاسكان احتياجه الى 17.4 مليار دولار لاسترجاع 150 ألف بيت مدمر .
وقال الباحث حداد: “حجم تحديات العراق في احتياجات المناطق المحررة الملحة تضخمت بشكل لا يمكن قياسه، حيث جهود إعادة الإعمار بطيئة جدا وما يزال النازحون لم يعودوا بعد لمناطقهم والامن غير مستقر .”
وفي مؤتمر عقد بالكويت في شباط 2018 لإعادة إعمار العراق تعهدت حكومات ومنظمات دولية بتقديم 30 مليار دولار وهو أقل من نصف المبلغ المقدر لاحتياجات إعادة الإعمار .
وقال الباحث شيلوم، إن وعوداً كبيرة طرحت في المؤتمر ولكنه يقول انه يشك في أن المانحين سيقدمون شيئاً .ومضى بقوله “لا أعتقد أن المدن المدمرة في العراق ستتم إعادة إعمارها في العام 2019، ولا حتى بعد ثلاث سنوات قادمة.” مراقبون ربطوا مشكلة إعادة الإعمار وعدم توافر الاموال بجانب الفساد في العراق. وكان تقرير مؤشر الشفافية الدولي للفساد لعام 2017 قد أدرج اسم العراق في ذيل قائمة أكثر البلدان فساداً في العالم في التسلسل 169 من مجموع 180. وكان المحتجون في العراق قد طالبوا بموقف حكومي أكثر حزماً تجاه الفساد والمحسوبية في مؤسسات الدولة .
ويقول الباحث شيلوم، إن ما يشير الى أهمية هذه القضية هو أن جميع الكتل السياسية جعلت من محاربة الفساد شعاراً لحملاتها الانتخابية في انتخابات أيار، ومع ذلك بقي الفساد لأنه متجذر في نظام الحكم ولا يمكن اجتثاثه بسهولة بسبب المحاصصة الطائفية والمحسوبية التي تستند إليها الحكومة في تشكيلها.
ويضيف شيلوم بقوله “لست متفائلا كثيرا ولا أتوقع تحقيق تقدم في العام 2019 ولكن على المدى البعيد سيحصل تغيير إيجابي في البلد وذلك لاستمرار الناس بالتعبير عن رفضهم للوضع السيّئ وهذا شيء وارد جدا .”