قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن إبقاء القوات الأمريكية فى سوريا بالرغم من انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش سيدخل الشعب الأمريكى فى صراع إلى أمد غير معلوم، كما يخرق كافة القوانين المتعلقة بالعمليات العسكرية الدستورية منها وحتى الدولية.
ونشرت الصحيفة، اليوم الأربعاء، مقالا لعضو لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ الأمريكى كورى بوكير وأونا هاثاواى الأستاذ فى كلية الحقوق بجامعة ييل ومؤلف كتاب "الدوليون"، أكدا فيه أن الإدارة الأمريكية إذا نفذت خطتها التى أعلن عنها وزير خارجيتها ريكس تيلرسون مؤخرا فقد تؤدى بالقوات الأمريكية إلى مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة السورية وحليفتيها روسيا وإيران.
ورأى المقال أن المحاولة التى تدعمها الولايات المتحدة لمنع نظام الرئيس السورى بشار الأسد من إعادة توطيد سيطرته على الأراضى السورية حسبما أشار تيلرسون، ستورط الولايات المتحدة فى صراع طويل دموى جديد آخذ فى التعقيد، مشيرا إلى أن الهجوم التركى على الوحدات الكردية فى عفرين يُظهر مدى هشاشة الوضع فى سوريا.
وأشار إلى أن أى تحرك سيكون له عواقب وخيمة فى بلد قُتل فيه أكثر من نصف مليون شخص خلال حرب أهلية.
وأضاف المقال أنه حتى وإن كان للولايات المتحدة دورا فى منع النظام السورى من ارتكاب المزيد من الجرائم، وذلك حسبما تقول واشنطن، لا توجد سلطة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب لاتخاذ القرار من جانب واحد بإلزام القوات الأمريكية بإيقاف تلك الجرائم بالقوة، حيث إن عليه إقناع الكونجرس والشعب الأمريكى والمجتمع الدولى بوجهة نظره، فتوريط الجيش الأمريكى فى هذا الوضع بقرار من ترامب بمفرده غير قانونى بموجب الدستور والقانون الدولى.
وأوضح المقال أن الدستور أعطى سلطة إعلان الحرب للكونجرس لا للرئيس، حيث يلزم "قرار سلطات الحرب" الأمريكى -الصادر فى عام 1973- الرئيس بإخطار الكونجرس خلال 48 ساعة من إدخال القوات المسلحة فى منازعات دون وجود إعلان حرب، وعلى الرئيس أن ينهى استخدام القوات المسلحة بعد ذلك خلال 60 يوما (منها 30 يوما لعملية الانسحاب) ما لم يعلن الكونجرس الحرب أو يصرح باستخدام القوة العسكرية بشكل آخر..
ولفت المقال إلى أن إعلان تيلرسون يدل على أن الإدارة الأمريكية لن تتقيد بتلك الحدود التى نص عليها الدستور.
وأشار المقال إلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ السيناتور بوب كوركر، الذى أكد فى جلسة استماع عقدتها اللجنة مؤخرا أنه حال بقاء الولايات المتحدة فى سوريا لمحاربة "وكلاء إيران"، فليس لدى الكونجرس أى نوع من أنواع التفويض أو التصاريح بخصوص ذلك الأمر.
ولفت المقال إلى أنه إذا كانت مخالفة الدستور الأمريكى ليست أمرا مقلقا بما فيه الكفاية بالنسبة لخطة الإدارة الأمريكية، فهذه الخطة ستضع الولايات المتحدة فى موقف انتهاك مباشر للقانون الدولى، فالعمليات العسكرية ضد عناصر تنظيم داعش وعناصر القاعدة فى سوريا انطلقت دفاعا عن الولايات المتحدة وحلفائها وتحديدا فى العراق، وكان ذلك هو ما قام عليه التبرير الأمريكى لعمليات واشنطن العسكرية فى سوريا، والذى قدمته سفيرتها لدى الأمم المتحدة سامنثا باور فى 23 سبتمبر 2014، وأكده تيلرسون فى خطاب للكونجرس الخريف الماضى.
وأضاف أن استخدام حجة الدفاع عن النفس لم يعد مقبولا الآن كما كان سابقا، فإعادة الاستقرار إلى أراضٍ تم انتزاعها من تنظيم داعش يعد أمرا جوهريا وأولوية للولايات المتحدة بلا شك لضمان عدم تكرار ظهور مثل هذه الأخطار مجددا، لكن تلاشى خطر تنظيم داعش وعودة الصراع السورى إلى مسألة ما إذا كان الرئيس بشار الأسد سيستعيد سيطرته الكاملة على الأراضى السورية التى تتحكم بها المعارضة المنقسمة فيما بينها، جميعها أمور جعلت من غير الممكن الاستمرار فى استخدام حجة أن مهمة القوات الأمريكية هى من قبيل الدفاع عن النفس.
وأوضح انه حال قيام ترامب بإصدار أوامره للقوات الأمريكية بالسيطرة على الأراضى السورية فى هذه الظروف، فبذلك يأمرهم بالعمل فى مخالفة واضحة لميثاق الأمم المتحدة.
واختتم المقال بأن واشنطن بمخالفتها للقانون الدولى بهذا الوضوح ستضع قواتها فى طريق الخطر، كما سترخص لآخرين حول العالم بأن يحذوا حذوها.. كما يأتى ذلك فى وقت يسجل فيه معدل الثقة العالمية فى القيادة الأمريكية انخفاضا جديدا ليصل إلى 30% بدلا من 48%.