لا تتبغددوا على البغدادية

ليس هناك من هو اكثر بغدادية من قناة البغدادية. فهذه القناة وباعتراف حتى المسؤولين تعد واحدة من مفاخر الاعلام الجديد في العراق. الاعلام الذي فرح لمساحة الحرية فيه الجميع. تنطبق هذه المساحة على الصحافة الورقية والالكترونية والفضائيات والاذاعات. لكنه وبقدر ما ان هذه المساحة من الحرية ليست منة من طرف او جهة مهما كانت رسمية ام حزبية ام مستقلة ام تابعة فانه ليس من مصلحة احد الخروج على ثوابتها ونفس تقاليدها. لكن ما يلاحظه الجميع من ممارسات ان هناك من يريد ان يجعل من هذه الحرية (مكرمة) بحيث يمكنه سحبها متى شاء. او على الاقل يريد من مؤسسات الاعلام ان تسبح بحمده ليل نهار بوصفه المانح والكارم وماعلى الجميع الا ان يديروا رؤوسهم للامس حيث لاحرية ولاهم يحزنون. بالامس لم يقل النظام السابق ان لديه حرية فائضة يمنحها لمن يريد. كان واضحا على الاقل في التقييد عبر مسطرة رقابية صارمة يعرفها القاصي والداني. هذا ماينطبق على الصحافة والمطبوعات . اما الفضاء فليس هناك مجال للحديث في هذا الامر. ماحصل بعد التغيير عام 2003 ان وضعا جديدا قد حصل واستبشر الناس خيرا وفي المقدمة منهم الاعلاميون والمثقفون وهو امر لاينبغي ان يحسب لجهة حتى تمن على هذا الطرف او ذاك بل هو وكما يقول الجميع نتيجة طبيعية لتضحيات العراقيين. اذن ليس هناك من يريد ان يتمرد على القوانين والانظمة او يكسر التقاليد بهذه التقليعة او تلك او هذا الامر او ذاك. وطوال السنوات الست الماضية يمكن القول ان قناة مثل (البغدادية) ينبغي ان تكون موضع فخر من هو مؤتمن على تطبيق القانون والنظام العام. او من بيده مفاتيح الغلق والفتح. فهذه القناة مثلت حالة عراقية راقية مهنيا واحترافيا وسط بحر هائج من الانفجار الفضائي في العالم اجمع وفي المقدمة منه العالم العربي. لذلك كان ينبغي ان تعامل البغدادية باسلوب اخر حتى لو رات الجهات المختصة انها اخطات في (الاجتهاد). فهي اولا واخيرا وسيلة اعلام يهمها الخبر والسبق وهي تعرف مثلها مثل غيرها من وسائل نقل الحقيقة ان للحقيقة ثمنها الباهض احيانا بل في كثير من الاحيان. على احسن الفروض البغدادية اجتهدت في موضوع كنسية النجاة وعلى اسوا الفروض انها اخطات في الاجتهاد. اليس للمجتهد حين يخطئ اجرا واحدا هو اجر الاجتهاد مثلما يقول الفقهاء. اذا كان في الدين وهو مسطرة لاتقبل القيل والقال يمنح المجتهد المخطئ اجرا واحدا فهل من المنطقي ان تجري معاقبة قناة فضائية يمكن ان تخطئ في الدقيقة 60 مرة لكن من باب الاجتهاد بالطريقة التي جرت فيها معاقبتها وكانها عدو حان وقت القصاص منه؟ الامر يحتاج الى اعادة ترتيب اولويات وطنية واولويات اعلامية واولويات سياسية. فالبغدادية تمثل روح بغداد فلا احد يماري في انه اكثر بغدادية منها .. لاتتبغددوا على البغدادية.

 

بقلم حمزة مصطفى