في ضوء نتائج استطلاع للرأي أجرته بي بي سي تحت عنوان "تجربة الوحدة"، هناك خمس حقائق غير متوقعة حول ذلك الشعور، كما تقول الكاتبة كلوديا هاموند.
ربما يظن كثيرون منا أن كبار السن لديهم شعور أكثر بالوحدة، وأن ذلك الشعور يزداد في فصل الشتاء، لكن نتائج الاستطلاع الذي أجرته بي بي سي تقول غير ذلك.
وهذا المعدل أعلى من بعض استطلاعات الرأي الأخرى، ربما لأن استطلاع الرأي الحالي كان عبر الإنترنت وهذا يعني أننا لم نختر المشاركين، وقد يكون استقطب الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر من غيرهم.
إذ أن العيش وسط مجموعات طالما ساعد البشر في النجاة من المخاطر والبقاء على قيد الحياة. والفكرة تتلخص في أن الفرد إذا شعر بأنه منبوذ من جماعة، سيدفعه الشعور بالوحدة إلى التواصل مع الآخرين، والبحث عن أصدقاء جدد أو إحياء أواصر الصداقة القديمة.
لكن المشكلة أن هذا الشعور بالوحدة قد يصبح مزمنا، وعندئذ سيكون له تبعات وخيمة على الصحة النفسية والبدنية.
إذ أثبتت دراسات عديدة أن الشعور بالوحدة، أي ذاك الشعور المؤلم بالوحشة الذي ينتاب المرء رغم أنه قد يكون محاطا بالكثير من الأصدقاء، قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والجسدية.
وخلصت دراسات إلى أن الشعور بالوحدة المزمنة يزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب بعد عام واحد. وبينما ذكر 41 في المئة من جميع المشاركين أن الوحدة قد يكون لها جوانب إيجابية، فإن هذه النسبة انخفضت إلى 31 في المئة فقط بين المشاركين الذين قالوا من البداية إنهم كثيرا ما يعانون من الوحدة.
فقد تقترن الوحدة بالبؤس والكآبة، حتى إن المرء إذا اعترته مشاعر الوحشة والوحدة لفترة طويلة سيعجز عن رؤية أي جوانب إيجابية لها.
بداية، تقاس مهارة التفاعل الاجتماعي عادة بمدى قدرة المرء على قراءة مشاعر الآخرين وتعديل ردود فعله لتتوافق معها.
فقد ترتسم على وجوه الآخرين مثلا علامات القلق أو ربما الاستياء من شيء بدر منك دون أن تقصد.
ويتطلب قياس هذه المهارة عرض مجموعة من الوجوه أو الأعين فقط على الأشخاص لتقييم مدى كفاءتهم في الاستدلال على المشاعر بالنظر إلى العيون وتعابير الوجه.
وقد حصل الأشخاص الذين قالوا إنهم كثيرا ما يشعرون بالوحدة في هذا الاختبار على نفس متوسط الدرجات الذي حصل عليه الأشخاص الذي قالوا إنهم لا يشعرون بالوحدة.
لكن لوحظ بعض التفاوت في الدرجات في مقياس عدم الثبات الانفعالي، إذ حصل الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة على درجات أعلى من غيرهم. فربما يكون القلق الذي يستولي عليهم في المواقف الاجتماعية هو الذي يخلق حاجزا يعيقهم عن التواصل مع الآخرين، وليس مهاراتهم الاجتماعية.
ومن المعروف أن ليلة عيد الميلاد هي مناسبة للتجمع ولم شمل العائلة، ولهذا فإن الكثيرين ترعبهم فكرة قضاء هذه الليلة بمفردهم.
وأطلقت سارة ميليكان حملة ناجحة على تويتر تحت عنوان "يوم عيد الميلاد" لتساعد الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة في إيجاد أشخاص يتحدثون إليهم.
أما المقياس الأخر فهو يقيم مدى إحساسك بالآلام النفسية للأخرين، إذا رأيت مثلا طفلا يتعرض للتنمر والابتزاز في المدرسة، أو شخصا يشعر أنه منبوذ لأنه غير مدعو إلى حفل عيد ميلاد، أو هجرته شريكة حياته.
وبالرغم من أن جميع المشاركين في مقياس التعاطف مع الألم البدني حصلوا على درجات متساوية تقريبا، إلا أن المشاركين الذين قالوا إنهم كثيرا ما يشعرون بالوحدة أحرزوا درجات أعلى من المتوسط في مقياس التعاطف مع الألم النفسي.
ولعل ذلك يرجع إلى أنهم عانوا من الشعور بالرفض من الآخرين، ويدركون كم هو مؤلم، فهم أكثر تعاطفا مع الآخرين عندما يرونهم يتعرضون لنفس المواقف التي تعرضوا لها من قبل.