عبد الحميد الصائح
المبدأ الأساسي عليك ان تستقيل من وظيفتك الحكومية وتنهي علاقتك معها كي تحاربها ، صحفيا كنت ام عسكريا .
لكن الوضع العراقي الذي أنتج لنا مراكز نفوذ عديدة من تجار وسياسيين اقوى من الحكومة في العراق أنتج الى جانب ذلك نماذج مشوهة من الكتاب والمحللين والمناضلين! كيف ؟
التعيينات في الصحافة الحكومية لم تصدر من جهة واحدة ، فلا يوجد إطلاقا إطلاقا شخص تم تعيينه في مؤسسة ثقافية حكومية دون دعم من جهة أو شخصية متنفذة ، هي مصدر قوته وظهره فيما يكتب ومايقول وماينتقد ..
الذي عينه الصدريون ينتقد المالكي والذي عينه المالكي ينتقد العبادي والذي عينه العبادي يهاجم الميلشيات والذي عينه اتباع ايران ينتقد اليمن والسعودية والذي عينه الأمريكان ينتقد تدخل ايران واذرعها في العراق والذي عينه البعثيون المخترقون للسلطة ينتقدها ويحاربها. وهكذا
.. ولذلك لاعجب ان ترى في مؤسسة حكومية صحفية واحدة ، كل هذا الهجوم على كل هذه الذوات.
حتى اصبح القاريء اللبيب حين يقرا مقالا ينتقد ايران او السعوية او البحرين او قطر او رئيس الوزراء او الصدر أو الخزعلي أو علاوي او ترامب يسأل : بمن يحتمي كاتبه ؟؟؟؟..
من متابعة دقيقة للعمل الصحفي والاعلامي كنت أتوقع هديرًا من الرأي المحتج حين تعرضت ُانا شخصيا والمؤسسة الرصينة الوطنية التي انتميت اليها وتم اغلاقها في بغداد زوراً وبهتاناً لانها واجهت الفاسدين ونصحت المسؤولين باخلاص وحيادية تامة.
لان الأديب والمثقف والاعلامي مسؤول امام التاريخ اكثر من السياسي ، السياسي يتعامل مع الامر الواقع والمثقف الحقيقي يتعامل مع الحقيقة والمنطق والقيم الدائمة . والنَّاس أمانة مؤقتة بيد السياسي وهي ذاتها أمانة دائمة بيد المثقف .
المؤشر الجديد ايها الصحفيون الحكوميون ان جميع داعميكم ورعاتكم قد اتفقوا فيما بينهم ، فلم يعد يإمكان احد منكم ان يشتم احدا منهم لصالح احد منهم . وقعوا على " الاعمامات" الصحيحة التي وجهت لكم ، لانها أعمامات حق يراد بها حق . او تنصلوا عن هذا الدور المنافق الخطير .. فساحات التحرير وميادين الفقراء لن تقبل بعد اليوم قدما واحدة منكم فيها ، واُخرى راكعة في السر لسادتكم وداعميكم.