ديلي بيست: داعش ما يزال يهدِّد الأمن رغم تحرير جميع الأراضي

النشاط والصخب رجع الى العاصمة العراقية بغداد في وقت تدفق فيه أكثـر من مليون زائر لمعرض بغداد الدولي للكتاب مع قيام عوائل بشراء كتب، وهو مؤشر على تعافي سمعة ووضع العراق كبلد يتجه للثقافة والقراءة بدلا من تهديدات داعش وسياراته المفخخة .

شوارع بغداد الرئيسة بدت مزدحمة بالسيارات حيث تخرج العوائل للتنزه والتوجه لقضاء وقت في أسواق بغداد المركزية، المولات، والحدائق العامة.
ويقول مراسل صحيفة ديلي بيست الاميركية كيمبرلي دوزير، انه رغم مظاهر الفرح والتعافي بعد انقضاء حملة طرد تنظيم داعش العسكرية في العراق، فإن مسؤولين عراقيين في بغداد وإقليم كردستان وأميركان قالوا له إن الواقع قد يكون هشّاً على نحو كبير ومهدد بالانهيار كليّاً في أي لحظة . جوي هود، القائم بأعمال البعثة الأميركية في العراق، يقول إن تنظيم داعش قد يكون على قدر من القوة كما كان عليها في العام 2013. وفي قرى ومناطق العراق النائية وحتى في مدن كبيرة كان داعش يسيطر عليها سابقا، فإن هؤلاء المسلحين أنفسهم يعودون إليها بعد حلول الظلام عندما تذهب القوات العراقية راجعة لثكناتها العسكرية. يقومون باغتيال وقتل من يقف بوجههم، بهذه العمليات يبعثون رسائل بأنهم ما يزالون يشكلون تهديداً .
وقال القائم بأعمال البعثة الاميركية، هود، أثناء لقائه بمجموعة من مسؤولين شيعة وسنّة وكرد وأجانب اثناء فعاليات ملتقى للحوار عقد في بغداد “الارض التي كان تقام عليها ما تسمى بالخلافة المزعومة لداعش في طريقها للزوال في وقت ما خلال هذا الشهر إن شاء الله. هذا لا يعني انه لم يعد لديهم خلايا نائمة، وليس لديهم شبكات تمويل مالي. بل لديهم وربما تكون قوتهم بمستوى القوة التي كانوا عليها عام 2013.” مستشار مجلس أمن قليم كردستان، مسرور بارزاني، الذي يشارك الآن في مؤتمر ميونخ الأمني لمكافحة الإرهاب، قال “آيديولوجية داعش مع الأسباب التي أدت الى ظهوره ما تزال موجودة”، مشيرا الى أن المعركة ضد داعش لم تنته بعد ولكنها تحولت من معركة عسكرية الى معركة جهد استخباري.
وقال نائب قائد قوات التحالف في العراق الجنرال البريطاني، كرس غيكا، انه رغم انتهاء العمليات العسكرية ضد داعش واسترجاع جميع الاراضي التي كان يسيطر عليها ما تزال هناك إخفاقات وعدم عدالة اجتماعية تمارس ضد آخرين ساهمت في ظهور داعش بالأصل لم تتم تسويتها .
وقال غيكا انها “مشاكل طويلة الامد تحتاج الى دعم ومعالجة طويلة الامد.”
ثم هناك مشكلة معسكرات النازحين أيضا، ما يقارب من 1.2 مليون شخص ما يزالون مهجرين داخليا وقسم منهم غير قادر على الرجوع لمناطقهم بسبب عدم وجود شيء هناك وبيوتهم محطمة وقسم آخر غير راغب بالرجوع لأن جيرانهم الذين التحقوا بداعش يعيشون بحرية دون محاسبة، فضلا عن وجود ما يقارب 200 ألف شخص منبوذ آخر من المشتبه بانتمائهم لداعش مع عوائلهم محتجزين في معسكرات خاصة حول البلاد لعدم وجود من يسمح لهم بالرجوع لمناطقهم .
دبلوماسيون ومسؤولو منظمات إغاثة ذكروا لمسؤولين عراقيين ضرورة إيجاد حل لهؤلاء من عوائل المشتبه بهم وتأهيلهم لإعادة دمجهم بالمجتمع مرة أخرى لكي لا يصبحوا نواة لنشوء داعش جديد .
ويقول مراسل الصحيفة دوزير، إنّ مستشاراً حكومياً كبيراً تحدث له بأسىً عن سياسيين فاسدين في بلده يمنحون أفراد عوائلهم وأحزابهم وظائف في دوائر الدولة، مع زعماء دينيين يوعظون الناس بالتدين والاقتصاد في حين يرتدون ما هو غالي الثمن ويستقلون سيارات فارهة، فضلا عن تجار ومقاولين ومستثمرين محتالين يهربون بالاموال تاركين تنفيذ المشاريع .
ويضيف دوزير إن كثيراً من العراقين الاعتياديين التقى بهم عبروا عن شكواهم تجاه الحكومة بأنها لم تقم بما هو كافٍ لخدمتهم خصوصاً من فئة الشباب العاطلين عن العمل، وقال المستشار إنّ هؤلاء فقدوا ثقتهم وأملهم بقادتهم .
ويقول مراسل الصحيفة انه أمر يدعو للحزن حقاً. بغداد مدينة عظيمة في بلد عظيم يتمتع بامتيازات طبيعية لا تحصى وسكان من ناس حميميين وكرماء ولكن رغم ذلك فإن هذا البلد يبدو بأنه يأكل نفسه من الداخل