اتفاقية خور عبد الله اعتداء كويتي صارخ على السيادة العراقية

كتبت -شذى خليل

 

   خور عبد الله العراقي هو ممر مائي يقع في شمال الخليج العربي بين جزيرتي بوبيان ووربة وشبه جزيرة الفاو العراقية ويمتد خور عبد الله إلى داخل الأراضي العراقية مشكلا خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي
تم ترسيم الحدود بين عدة دول منها العراق والكويت في المعاهدة الأنجلو- عثمانية عام 1913، التي وضعت نهاية لأربعين عاما من الصراع بين بريطانيا والدولة العثمانية في منطقة الخليج العربي.
واكدت اتفاقية العقير في 2/12/1922م، الحدود بين العراق والكويت اذ وجه السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق الدعوة الى العراق والكويت ونجد لعقد مؤتمر في العقير، ومثل الكويت في هذا المؤتمر المعتمد البريطاني السير مور، وكان الموضوع الاساسي للمؤتمر تحديد الحدود بين الدول الثلاث، وقد وقعت الاطراف الثلاثة على الحدود ذاتها التي تم التوصل اليها في اتفاقية سنة 1913م.
وبدأ النزاع الحدودي بين العراق والكويت في زمن الحكم العثماني، اذ في سنة 1931م تم التوقيع في لندن على اتفاقية بين كل من بريطانيا (الدولة الحامية للكويت آنذاك) والدولة العثمانية (حيث كان العراق تحت الحكم العثماني)، وقد حددت المادة السابعة من هذه الاتفاقية خط الحدود بين الكويت والبصرة، ولم تدخل هذه المعاهدة حيز التنفيذ بسبب قيام الحرب العالمية الأولى.
واستمر الخلاف الحدودي حتى قيام ثورة 17-30 تموز التي رفضت هي الاخرى توصيف الحدود. وكان موقف الحكومة العراقية واضحا وصريحا اذ اعلنت في عام 1973 انها لا تعترف بالرسالة المنسوبة لنوري السعيد 1932، ولا محضر 1963 لان جزيرتي ووربة وبوبيان والساحل المقابل لهما تقع ضمن الاراضي العراقية ،
واستغلت الكويت ظروف حرب العراق مع ايران في التوسع على حساب الاراضي العراقية، ما دفعت العراق بالاضافة لاسباب اخرى لاجتياح الكويت في 2/8/1990، مما اخضع العراق على اثرها تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي وصف العراق بانها دولة مهددة للسلم والأمن الدوليين، وخرق المادة (39) من الفصل السابع.
وفي 2012 وقعت اتفاقية خور عبد الله وهي اتفاقية دولية حدوديّة بين العراق والكويت، وتمت مصادقة مجلس النواب العراقي عليها في دورة باسم ( اتفاقية خور عبد الله المذلة ) وصوت المرة الاولى على كونها مذلة ، وصوت مرة اخرى لتمريرها ففي يوم تمت المصادقة عليها في بغداد في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013،وذلك استكمالاً لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين، ووضع تحديد دقيق لإحداثياتها على أساس الاتفاق المُبرم بين البلدين.
وأثارت الاتفاقية جدلاً كبيرًا في العراق، حيث رأى فريق من السياسيين العراقيين الحكومة السابقة والدورة البرلمانية السابقة قد تنازلا عن اراض ومياه عراقية لصالح الكويت من خلال الاتفاقية .
يعد خور عبد الله، الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى معظم الموانئ العراقية، وأن التقسيم جاء بالتنصيف، وليس بناء على خط التالوك، أي أعمق ممر يُسمح للملاحة البحرية فيه.
في حين دافع الفريق الآخر عن الاتفاقية كونها استكمالاً لترسيم الحدود بناء على قرار دولي.
وكان الهدف الاساس من اتفاقية خور عبد الله خروج العراق من طائلة البند السابع لترسيم الحدود ، وتنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبد الله بما يحقق مصلحة كلا البلدين .
لكنها في الحقيقية انها كانت للاستيلاء على اراض ومياه عراقية في خور عبد الله ، وبهذا لم يصبح للعراق أي منفذ بحري اخر وهي سابقة خطيرة ستزيد من التضييق على الوضع المتردي للاقتصاد العراقي.
وكان على العراق دفع مبلغ الترسيم 600 الف دولار للترسيم ، منذ ، عام 1993، حسب قرار833 اي في زمن النظام السابق لكنه يرفض حتى حضور الاجتماعات، رغم ممارسة الضغوطات السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وهذا دليل قاطع على رفض الترسيم، برفض دفع المبلغ؛ ويقول لهم خذوا المبلغ من مذكرة التفاهم ” النفط مقابل الغذاء والدواء” .
وكان الوفد التفاوضي العراقي الذي زار الكويت قبل زيارة رئيس الوزراء لها ، متكون من وزير الخارجية ، ووزير المالية ، ووزير النقل     ووزير حقوق الانسان ووكيل وزير الخارجية محمد حجي حمود ، وبعض المستشارين، والقريبين من رئيس الوزراء .
اما الجانب الكويتي فكان يرأس الوفد وزير الخارجية صباح الصباح ، والمتفاوض خالد جار الله ، وكانت الحجة من المفاوضات هو خروج العراق من البند السابع ، وانتقد بعض اعضاء الوفد العراقي الموقف الكويتي لاستغلاله الاوضاع في العراق ،اذ ابدى المستشار القانوني السابق لرئيس الوزراء د .فاضل جواد  امتعاضه من مواقف الجانب الكويتي ، بينما  الدكتور محمد الحاج حمود  اشاد بمواقف الجانب الكويتي، وكان ذلك امام وزيري الخارجية العراقي والكويتي وأعضاء الوفدين .
وبعدها عندما وصل رئيس الوزراء، الكويت تم التوقيع، وبعد رجوع الوفد الى بغداد وعرض ما جرى في مجلس الوزراء للمناقشة والتصويت، وتفاجأ الجميع من وزير المالية الذي قال: لقد تم دفع المبلغ قبل يومين للأمم المتحدة ،مما شكل صدمة للمجلس وانتهى الأمر. وكانت الكويت مستعدة لدفع المليارات مقابل خروج مبلغ لـ 600 الف دولار من الخزينة العراقية ، لان هذا يعني اعتراف العراق بالترسيم .
ان الأمم المتحدة قامت بترسيم الحدود بين العراق والكويت في خور عبد الله على أساس خط النصف على سطح الماء بالرغم من ان الخور يتضمن على قناة ملاحية وفِي مثل هذه الحالة يتم تخطيط الحدود على أساس قاعدة التالوك اي الخط العميق وليس على أساس الخط المنتصف على سطح الماء حيث تعتمد هذه الطريقة في تقسيم الأنهر والبحيرات غير الصالحة للملاحة، ولكن هذا هو الذي حصل من قبل الامم المتحدة ووافق العراق في حينه على القرار ٨٣٣، ولو كان الترسيم تم على أساس التالوك لكانت الحدود مرسمة على أساس الخط العميق في القناة الملاحية وليس ان تترك القناة ضمن المياه الإقليمية للكويت،
 ان العراق حصل من خلال الاتفاقية على حق المشاركة في ادارة القناة الملاحية  لكنه خسر بموجب قرار 833 المجحف ابارا نفطية كثيرة و أراضي ومياه ، وان السبب الرئيس هو دفع 600 الف دولار ،  وكان الاجدر على يبقي العراق تحت الفصل السابع اكثر رحمة من خنق العراق وفقده لسيادته على مياهه واراضيه.
المطالبة بالكشف للعراقيين من أمر بالدفع ؟ وكيف ؟ ولماذا؟ والمطالبة بإيقاع الجزاء به جراء تفريطه بارض العراق لمصالح شخصية تآمرية ، واذ كان وزير المالية دفع المبلغ بصفة شخصية متفردا بالقرار