الأونروا تعيد فتح مدارسها وسط هواجس من مستقبل غامض

أعادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فتح المدارس التي تديرها في قطاع غزة والضفة الغربية، وسط مخاوف من مستقبل غامض ينتظرها في ضوء الأزمة المالية غير المسبوقة التي تواجهها، وضغوط الولايات المتحدة بشأن إعادة التدقيق في اللاجئين الذين يتلقون مساعدات منها.

وكانت الشكوك تحيط بموعد بدء العام الدراسي بعد أن أعلنت الأونروا أنها لا تملك مالا لدفع رواتب المعلمين في مدارسها بقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية والأردن وسوريا ولبنان والبالغ عددهم 22 ألف معلم.

وقال بيير كراهينبول المفوض العام لوكالة الأونروا للصحافيين في مدرسة للفتيات في مخيم الجلزون للاجئين بالضفة الغربية الأربعاء “نحن مصرون جدا على إبقاء هذه المدارس مفتوحة”، وبينما كان يتحدث ظهرت تلميذات في زي مقلم في فناء المدرسة لممارسة التمرينات الرياضية.

وأضاف أن الوكالة حصلت على 50 مليون دولار من كل من الإمارات وقطر وأن الأونروا تأمل في تلقي 50 مليون دولار أخرى أعلنت عنها السعودية، لكن الوكالة ما زالت تعاني في الوقت الحالي نقصا بقيمة 200 مليون دولار.

واستقبلت مدارس الأونروا التلاميذ رغم أن الخوف لا يزال قائما من أن تغلق الأونروا مدارسها حال عدم توفر التمويل اللازم لخدماتها.

وقال كريس غانيس المتحدث باسم منظمة الأونروا إنه لا يزال من الممكن أن تجبر الوكالة على إغلاق المدارس في غضون شهر إذا لم يتم الحصول على تمويل جديد. وأوضح “في الوقت الحالي، ليس لدينا ما يكفي من المال لإبقاء المدارس مفتوحة بعد نهاية سبتمبر”.

وأوضح الناطق باسم الأونروا في غزة عدنان أبوحسنة أن الأونروا “فتحت المدارس رغم المخاطرة الكبيرة، لدينا عجز بـ217 مليون دولار وهذا غير مسبوق”.

وأكد أن الولايات المتحدة “اقتطعت 300 مليون دولار من الدعم المقرر سنويا وقدمت فقط 60 مليون دولار للأونروا وهذا أخطر ما تعرضت له الوكالة”، مضيفا “بالتالي فإن مستقبل 530 ألف تلميذ في الأراضي الفلسطينية ومناطق الشرق الأوسط على المحك في حال عدم توفير التمويل”.

لكنه أضاف “سنواصل تقديم الخدمات ولن نستسلم أمام هذا التهديد الوجودي، الأونروا استطاعت تخفيض العجز من 446 مليونا إلى 217 مليونا”، وبين أنه “تم توقيع عقود مع 750 مدرسا في قطاع غزة وفق نظام العمل اليومي”.

ويشكل اللاجئون في قطاع غزة نحو 66 بالمئة من عدد سكانه البالغ نحو مليوني نسمة، بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني للعام 2017.

في المقابل، أعلن أمير المسحال رئيس اتحاد موظفي الأونروا في مؤتمر صحافي في غزة استمرار اعتصام الموظفين الذي بدأ منذ عدة أسابيع احتجاجا على فصل المئات منهم في القطاع.

ويمتد قلق المسؤولين إلى أهالي التلاميذ، حيث قالت سها أبوحصيرة خلال اصطحابها لطفلتها إلى المدرسة “الوضع ليس مستقرا، ونخشى من إغلاق المدارس في ظل التوتر في الأونروا”، في حين اعتبرت أم إبراهيم مدوخ “أن هذه نكسة للشعب الفلسطيني، نحن تعودنا على تعليم الأونروا، إذا أغلقت المدارس سوف يكون ذلك دمارا للأطفال”.

وقالت التلميذة هالة مهنا (11 عاما) “أوجه رسالتي للعالم بأنه ليس من حق أحد أن يغلق المدارس، حتى لو أخذوا المدارس سوف نرجعها، وسوف نستزيد من العلم أكثر من أي دولة أخرى”.

من جهته طالب التلميذ كرم موسى (14 عاما) الذي تنحدر عائلته من مدينة يافا “بإبعاد المشاكل السياسية عن التعليم، لم يتبق لنا سوى التعليم وهذا واجب على العالم توفيره لنا نحن اللاجئين، يجب على السلطة الفلسطينية أن تمنع إغلاق مدارسنا”.

وتأسست الأونروا في 1949، وهي تقدم مساعدات لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من أصل خمسة ملايين مسجلين لاجئين في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت الجمعة الماضي إلغاء أكثر من مئتي مليون دولار من المساعدات المخصصة للفلسطينيين، لا سيما لبرامج مساعدة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

والعلاقات بين إدارة دونالد ترامب والسلطة الفلسطينية مجمّدة منذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر 2017 اعتراف الولايات المتّحدة رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لقيت رفضا من المجتمع الدولي وغضبا فلسطينيا عارما.

وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة الأونروا بإطالة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال التأكيد على فكرة حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها. ويرى الفلسطينيون أن جهود السفارة الأميركية لتغيير مهمة الأونروا هي محاولة لحرمانهم من حقوقهم.

والثلاثاء هاجمت نيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة القيادة الفلسطينية مجددا، وقالت “هناك عدد لا يحصى من اللاجئين الذين لا يزالون يحصلون على المساعدة، ولكن والأهم هو أن الفلسطينيين يواصلون انتقاد الولايات المتحدة. أنا أتحدث عن الحكومة وليس الشعب”.

وتحدثت عن تقارير بأن منهاج مدارس الأونروا يشتمل على انتقاد ظالم لإسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما تنفيه الوكالة.

وقالت هايلي “يمكن للأونروا الاستمرار، وسنكون من المانحين إذا أصلحت ما تفعله، وإذا تأكدت من أنهم لا يقدمون هذه التعاليم في كتبهم المدرسية وإذا غيروا بالفعل عدد اللاجئين إلى عدد دقيق، فسنعيد النظر في التشارك معهم”.

وكانت صحيفة “يسرائيل هيوم” نقلت عن مصدر في الكونغرس أن إدارة ترامب قد تكشف خلال الأسابيع المقبلة عن تقرير سري يتناول “الأعداد الحقيقية” للاجئين الفلسطينيين، موضحا أن العدد سوف ينحصر فقط في 40 ألف لاجئ من الجيل الأول.