قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف معلقاً على قمة جنيف التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن الشهر الماضي، إنها “لم تحسن العلاقات الثنائية بشكل كبير”، مؤكداً أن أهم ما جاء فيها التوافق على إطلاق “حوار شامل حول الاستقرار الاستراتيجي”، وأشار إلى أن بلاده تبذل كل الجهود لمنع أي نزاع مسلح محتمل مع الولايات المتحدة.
وخلال خطابه بمعهد “ميدلبري” للدراسات الدولية في مدينة مونتيري المكسيكية، أكد السفير الروسي في واشنطن، أنه “على مدى السنوات الماضية، تراكمت الكثير من المطالبات والتناقضات المتبادلة، والتي لا يمكن حلها دفعة واحدة”، مشيراً إلى وجود “فرص للديناميكيات الإيجابية تتحقق من خلال استعادة الاتصالات المنهجية بشأن القضايا الرئيسية من الأجندة الثنائية والدولية”.
وأشار أنتونوف، إلى أن المحادثات الثنائية في قمة جنيف “عُقدت على أعلى مستوى وفي جو هادئ وبيئة بناءة”، لافتاً إلى أنه رُغم كل التناقضات، اتفق قادة البلدين على الحاجة لتقريب المواقف وتقليل المواجهة في العلاقات الروسية- الأميركية”، وفق ما أوردته وكالة “تاس” الروسية للأنباء.
وأوضح السفير الروسي الذي عاد لواشنطن لممارسة عمله، في أعقاب قمة جنيف، بعد أشهر من الانقطاع، أن أهم اتفاق تم خلال القمة، هو اتخاذ قرار لإطلاق حوار شامل بهدف تحقيق استقرار استراتيجي، إلى جانب تمديد معاهدة نيو ستارت، مؤكداً أن ذلك يعد خطوة أخرى لواشنطن في اتجاه “تحمل مسؤولية أكبر في الشؤون الدولية”
“نزاع مسلح”
وبشأن النزاع المسلح، شدد السفير الروسي، على ضرورة بذل المزيد من الجهود في سبيل منع أي نزاع مسلح مع الولايات المتحدة، والذي من شأنه أن يخلق “تصعيداً يصل إلى حد التهديد النووي”.
وقال أنتونوف: “نعتقد أنه من الضروري بذل كل جهد لمنع أي نزاع مسلح بين بلدينا، والذي قد يؤدي حتماً إلى تصعيد يصل إلى المستوى النووي”.
وأوضح أن روسيا تتوقع عقد اجتماع على مستوى نواب رؤساء السياسة الخارجية بشأن تحقيق الاستقرار الاستراتيجي، قائلاً: “نتوقع في الأسابيع المقبلة عقد اجتماع استهلالي بين وفود الوكالات بقيادة نواب وزراء الخارجية، والتي ستكون نقطة انطلاق لمراجعة المخاوف الحالية في المجال الاستراتيجي لدى الجانبين”.
وأكد أن الحوار الاستراتيجي “يجب أن يهدف إلى تطوير معادلة أمنية جديدة تأخذ في الاعتبار جميع العوامل المهمة”، مشيراً إلى أن هذه المعادلة “يجب أن تشمل جميع الأسلحة النووية الهجومية والدفاعية وغير النووية، والتي يمكن أن تحل المهام الاستراتيجية”.
وتابع: “هذا يتعلق بالدفاع الصاروخي، وضمان القدرة على ضبط النفس في مجال الصواريخ وسط إنهاء معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وإحباط سباق تسلح في الفضاء الخارجي، وزعزعة استقرار التقنيات العسكرية، والاستجابة للأزمات التي قد تؤدي إلى تصعيد نووي”.
الأمن السيبراني
وفي شأن الأمن السيبراني، قال أنتونوف، إن موسكو تعتقد أن التعاون مع واشنطن في ضمان الأمن في الفضاء السيبراني “يعد من الأولويات”.
وأضاف: “هناك قضية أخرى ذات أولوية تتمثل في تعزيز العمل المشترك في مجال الأمن السيبراني”، لافتاً ووفق مصادر أميركية إلى أن “معظم الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم تتم من عناوين إلكترونية في الأراضي الأميركية”، لافتاً إلى أن 35 هجوماً إلكترونياً من أصل 45 استهدف العام الماضي منشآت روسية، نُسّق من أميركا، على حد وصفه.
وكان الرئيسان الأميركي والروسي، عقدا أول محادثات مباشرة بينهما محادثات في مدينة جنيف السويسرية في 16 يونيو الماضي، كما تعد أول قمة روسية أميركية منذ 2018.
وقال الزعيمان في بيان مشترك آنذاك، إنهما يعتزمان “إطلاق حوار شامل بشأن الاستقرار الاستراتيجي، وبدء مشاورات حول الأمن السيبراني ومبادلة السجناء بين البلدين والحد من الأسلحة”.
وحسبما ورد في البيان، في أعقاب انتهاء الاجتماعات، فإن الولايات المتحدة وروسيا أظهرتا أنهما، “حتى في أوقات التوتر، قادرتان على تحقيق التقدم نحو الأهداف المشتركة المتمثلة في ضمان القدرة على التنبؤ على الصعيد الاستراتيجي، والحد من مخاطر النزاعات المسلحة وخطر الحرب النووية”.
وستشرع الولايات المتحدة وروسيا، وفقاً لما ورد في البيان، في “حوار ثنائي متكامل بشأن الاستقرار الاستراتيجي في المستقبل القريب، سيكون مدروساً وقوياً”.