مع تصاعد الحركات الاحتجاجية واتساعها في أكثر من مدينة عراقية خلال اليومين الماضيين، تتزايد الشكوك بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية المبكر والمقرر لها في شهر تشرين الاول المقبل، واحتمالية إرجائها إلى توقيت جديد، وتتناغم تلك السيناريوهات مع رغبة خارجية تطالب بتمديد العمل للحكومة الحالية ومنحها مزيدا من الوقت.
ويقدر عدد الجهات السياسية المتحفظة والمعترضة على إجراء الانتخابات في الموعد المحدد بحوالي 20%، وبدأت تتناقش وتتفاوض من أجل الاتفاق على محاولة دفع الاقتراع إلى موعد جديد، واتجهت بعض من القوى صوب المحكمة الاتحادية وقدمت طعونها على قانون الانتخابات الذي تجده فرصة أو ورقة لكسب الوقت في تأجيل الانتخابات.
ويبين رحيم العبودي عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة في تصريح لـ(المدى) أن “هناك موقفين تجاه إجراء الانتخابات في موعدها المحدد أو ارجائها إلى موعد آخر، الاول يمثل الاغلبية ويصر على عدم التأجيل، الثاني وحجمه يصل إلى 20% بين متحفظ ومعترض على اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في العاشر من شهر تشرين الاول المقبل”.
وأرجأت الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية إلى 10 تشرين الأول 2021، بعد اقتراح المفوضية تأجيل الانتخابات البرلمانية من اجل “استكمال النواحي الفنية واللوجستية لتسجيل الأحزاب السياسية وتوزيع البطاقات الانتخابية وتأمين الرقابة الدولية.
ويضيف العبودي أن “المعترضين والمتحفظين على اجراء الانتخابات أبدوا تخوفهم من تزوير الانتخابات البرلمانية المبكرة في ظل الانفلات وانتشار السلاح، ما يجعل من العملية الانتخابية انقلابا على إرادة الناخب من خلال فعاليات شهدناها سابقا وسنشهدها في الاقتراع المقبل خصوصا مسألة البطاقات الالكترونية (قصيرة الامد) التي وزعت على الناخبين”. ويوضح أن “هناك حديثا عن وجود (5) ملايين بطاقة ناخب الكترونية مزورة أو وهمية أو مسروقة لا تعلم بها مفوضية الانتخابات بيد جهات سياسية محددة”، مشددا على أن الرقم الحقيقي لهذه البطاقات الوهمية أو المسروقة يصل لمليونين ونصف المليون.
وشكك زعيم حزب الدعوة ورئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي في وقت سابق بإمكانية الدعوة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، بحجة صعوبة الأوضاع الأمنية والاشكاليات المتعلقة بقانون الانتخابات معبرا عن رفضه للإشراف الدولي على الانتخابات، في تأكيد على نوايا تكرار التزوير فيها. ويلفت القيادي في تيار الحكمة إلى أن “هناك رغبة خارجية في عدم إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة وهذا بات واضحا من خلال التصريحات والمواقف”، مؤكدا على أن العامل الخارجي يرتكز على اثارت الفوضى والاضطراب من اجل كسب الوقت. ويرى العبودي أن “هناك احتمالية كبيرة في تمكن فريق (العشرين بالمئة) من كسب المعركة لصالحه، وقد يكون بتناغم مع العامل الخارجي”، مبينا أن الجانب الامريكي يريد إعادة التوازنات بين الداخل العراقي والخارجي بعد تزايد شعبية بعض الاطراف.
وفي نهاية شهر ايار الماضي كشف مصدر سياسي لـ(المدى) احتمالية إرجاء الانتخابات إلى نيسان من العام المقبل، مبينا أن هناك جهات ستعمد إلى الفوضى وعدم الاستقرار كقطع التيار الكهربائي الذي سيولد نقمة شعبية ستنعكس في الشارع، وإعلان تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى شهر نيسان المقبل سيكون قريبا.
وينبه رحيم العبودي إلى أن “هناك كتلا سياسية اتجهت نحو المحكمة الاتحادية للطعن بقانون الانتخابات من اجل كسب معركة التأجيل”، مضيفا أن الطعون يتم تداولها بشكل شفوي بين بعض الجهات المتنفذة من اجل الاتفاق على كيفية التعامل معها.
ويوضح أن “الفعاليات الداخلية والداعمة للعملية الديمقراطية لا ترغب في اقامة الانتخابات وتحاول تأجيلها وهذا ينسجم مع تطلعات ورغبة الجانب الخارجي والمتمثل بالولايات المتحدة الامريكية”.
من جانبه، يؤكد محمد العكيلي الباحث في الشأن الامني والسياسي في تصريح لـ(المدى) أن الانتخابات المبكرة كمصطلح هو أمر جديد دخل على العملية السياسية والعملية الانتخابية بعد العام 2003، مضيفا أنه بعد هذا الاستحقاق هناك مخاوف كبيرة من جميع الاطراف التي تروم المشاركة في العملية السياسية.
ويضيف أنه “في الوهلة الاولى كانت الكتل السياسية الماسكة للمشهد السياسي هي رافضة لمبدأ الانتخابات المبكرة، لكن في الوقت الحالي نرى أن هذه الكتل هي المؤيدة لموعد الانتخابات، والمفارقة ان القوى التشرينية هي مؤيد لإجراء الانتخابات، والآن هي رافضة لهذه الانتخابات، وبالتالي مع هذا التباين بين الكتل الرافضة والمؤيدة نجد ان طريق إجراء الانتخابات ليس سالكا”.
وفي الفترة الاخيرة سجلت مفوضية الانتخابات انسحابات متكررة لعدد من المرشحين بسبب تهديدهم بالتصفية الجسدية وسبقت ذلك موجة من اغتيالات طالت نشطاء، لكن لم يحاسب مرتكبوها حتى الآن.
ويتابع أن “الشارع العراقي غير متقبل لإعادة انتاج ذات الوجوه الماسكة للمشهد السياسي، مضيفا أنه في شأن قضية الامن الانتخابي يفترض على الحكومة تأمين الحماية الكاملة للمرشحين ولعملية الانتخابات ومراكز الاقتراع”.
ويعتقد أن “هذا الوضع سيبقى في تصاعد وتأزم كلما اقتربنا من موعد الانتخابات”، لافتا إلى أن “العامل الخارجي لا يرغب في اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة وهذا يتضح من خلال التصريحات التي نسمع بها من قبل عدد من السفراء تدعو إلى تأجيل الانتخابات”.