رأي الكتاب
الدَّم لا يكسِر إِرادة الشَّعب والإِنتفاضة تورِقُ بالتَّضحياتِ

نـــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر


سيقفُ العراق في يَوم الإِنتخابات النيابيَّة القادِمة إِاذا جرت] على حافَّةِ الهاوِية، فإِذا جرت بنزاهةٍ وشفافيَّةٍ وغيَّرت خارطة مجلس النوَّاب [الطبيعة السياسيَّة للكُتل النيابيَّة وجَوهر تركيبتَها] فسيرمي بنفسهِ بعيداً عن الهاويةِ ليبدأَ مسيرةَ الإِصلاح والتَّغيير المرجوَّة، إِبتداءً من الإِصلاحات الدُّستوريَّة الضَّروريَّة وليسَ إِنتهاءً بتثبيت قواعد وأُسُس بناء الدَّولة الحديثة والعصريَّة القادِرة على النُّهوض الحَضاري الشَّامل والتي تعتمد مبدأ الولاء للوطنِ وليسَ للذَّواتِ أَو للغُرباءِ، وإِن كانت العمليَّة بطيئة جدَّاً تشبه حركة السُّلحفاة!.
أَمَّا إِذا شابها الفسادُ والتَّزويرُ والتَّرغيبُ والتَّرهيبُ وجرى بها ما جرى في المرَّةِ الأَخيرة [٢٠١٨] فاستنسخت الفاسدينَ والفاشلينَ ونفسِ عناوينِ [العصابةِ الحاكمةِ] معَ بعضِ الرُّتُوشِ [المعجونةِ] بأَسماءٍ وعناوينَ وهميَّةٍ لتضليلِ الرَّأي العام فيظلُّ زعيم الكُتلةِ يسُوقُ أَعضائها [كراعٍ يهشُّ على غنمهِ في حظيرةِ الحيواناتِ] فسيرمي العراقُ بنفسهِ إِلى الهاوية ليدخلَ نفقاً مُظلماً لا يعلمُ إِلَّا الله والرَّاسخُونَ في العلمِ مم تطُولُ مدَّتهُ وماذا ستكونُ نتائجهُ الكارثيَّة وحجمها ومخلَّفاتها.
ولا أُخفيكم سرّاً فإِنَّني أَعتصرُ أَلماً عندما أَرى إِصرار [العِصابة الحاكِمة] على دفعِ البلادِ في الإِتِّجاه الثَّاني وفرض الخَيار الثَّاني على البلادِ! لِماذا؟!.
وبرأيي فإِنَّ المفتاح الآن لتغيير إِتِّجاهِ البَوصلةِ بيَدِ نسبة الـ [٧٠٪؜] من النَّاخبين الذين قاطعُوا الإِنتخابات في المرَّة الماضية فاستغلَّتها أَحزاب وكُتل السُّلطةِ لتستنسخَ نفسها وتُكرِّسَ منهجيَّتها [الفاسِدة والفاشِلة] القائمةِ منذ التَّغيير عام [٢٠٠٣] على المُحاصصة المقيتة.
إِذا شاركت هذهِ النِّسبة الكبيرة جدّاً في الإِنتخابات المُرتقبة ومنحت صوتها لأَيِّ مُرشَّح باستثناءِ الذين شاركُوا في السُّلطة منذ [٢٠٠٣] ولحدِّ الآن فستنحصِر نسبة فَوز أَحزاب السُّلطة بمساحةِ النِّسبة المُتبقِّية [٣٠٪؜] فقط وأَقلَّ بكثيرٍ [فلقد خسِرت هذه الأَحزاب الكثير من شارعها خلالَ السَّنتَينِ الماضيَتَينِ وتحديداً منذ تشرين [٢٠١٩] وهو تاريخ إِنطلاقِ إِنتفاضةِ تشرين الباسلةِ التي أُريقت فيها دماءٌ غزيرةٌ من نحورِ الشَّبابِ المُحتجِّ، وهي نسبةٌ صغيرةٌ جدّاً [٣٠٪؜] إِذا ما قُورنت بالنِّسبةِ الأُولى [٧٠٪؜].
خاصَّة وأَنَّ قانون الإِنتخاباتِ الجديدِ أَجازَ الترشُّح الفردي إِلى جانب القوائم والكُتل.
ينبغي أَن ينتبهَ النَّاخب كذلكَ إِلى أَنَّ القانون تغيَّر وهوَ يختلفُ عن سابقهِ في المرَّات الماضية، فليسَ هُناك في القانُون الجديد شيءٌ إِسمهُ [نقل الأَصوات] كما كانَ يحصل في المرَّات السَّابقة عندما كانَ [زعيمُ القائمة] يحصل على نسبةٍ كبيرةٍ من الأَصوات يحجزُ بالعددِ المطلوب في دائرتهِ الإِنتخابيَّة [المُحافظة] مقعدهُ تحتَ قُبَّة البرلمان ويوزِّع المُتبِّقي على مُرشَّحي قائمتهِ، فيما كانت أَصوات الخاسرين تُضاف إِلى الكُتل الكبيرة لتتضاعف أَعداد المقاعد الفعليَّة التي حصلت عليها من خلالِ صُندوق الإِقتراع.
هذهِ المرَّة لا يحصل ذلكَ طِبقاً للقانون الجديد، فإِذا حصدَ [زعيمٌ] ما مليُون صَوت فلا يحجزُ إِلَّا مقعدهِ فقط، وأَنَّ التَّناقس بينَ المُرشَّحين ينحصرُ على أَصوات النَّاخبين في الدَّائرة الإِنتخابيَّة فقط، فالفائز في كُلِّ دائرةٍ هو الذي يحصد أَكثر الأَصوات حصراً، وبذلكَ سيكون النَّاخب في هذهِ المرَّة هو وليُّ نعمةِ الفائز وليسَ زعيم القائمة الذي كانَ يتفضَّل في السَّابق بأَصواتهِ على مُرشَّحي قائمتهِ ليفُوزُوا بمقاعدهِم.
فضلاً عن ذلكَ فإِنَّ القانون قسَّم كُلَّ محافظةٍ إِلى دوائرَ عدَّة وهي ميزة يلزم أَن ينتبهَ لها النَّاخب ويوظِّفها في إِسقاط أَحزاب السُّلطة الفاسدة أَو على الأَقل التَّقليل قدرَ الإِمكان من عددِ مقاعدِها وبالتَّالي يحصر تأثيرها المُتوغِّل والمُتوحِّش.
حقيقةٌ مهمَّةٌ جدّاً يجب أَن ينتبهَ لها النَّاخبُون الذين يسعَونَ للتَّغيير والإِصلاح وهي؛ أَنَّ عليهِم أَن يُغيِّرُوا ما لا يقل عن [١/٣] مقاعد مجلس النوَّاب الجديد ليتحكَّمُوا بما يُسمى بالثُّلث المُعطِّل، والذي ينبغي أَن يظلَّ كُتلةً مُتماسِكةً مُتراصَّةً لا تخدعها أَلاعيب وأَموال ومُؤَامرات ومكائد ونفوذ أَحزاب [العِصابة الحاكِمة].
إِنَّ للثُّلث المُعطِّل دورٌ مهمٌّ جدّاً ومِحوري في الضَّغط باتِّجاه التَّغيير والإِصلاح، أَمَّا إِذا كانت نسبة التَّغيير في خارطة البرلمان أَكبر كأَن تكونَ [٥٠٪؜] فما فَوق فذلكَ سيمنح [الإِصلاحيِّين] هامش مُريح للتَّأثير.