رأي الكتاب
العمود الثامن: كورونا والمواطن الفقير

 علي حسين

تستيقظُ صباح كل يوم في انتظارك مسلسل منع التجوال الذي لا تملك الحكومة وسيلة أخرى غيره، لمواجهة وباء كورونا الذي كشر عن أنيابه بشكل واضح خلال الأيام الاسابيع الماضية.

ولأنباء منع التجوال طعمُ مر في فم المواطن العراقي الفقير الذي لا يملك سوى قوت يومه، وقد وجد نفسه وحيداً في ظل وباء الفقر ووباء المرض حيث أهملته الدولة عارياً ومتروكاً لمصيره. مؤلم شعور المرء أنَّه لن يستطيعَ توفير احتياجات عائلته.. وحين يجد أن لا جدوى من الدولة وشعاراتها الرنانة، ويصعب أنْ يجيبَه أحد، وإن فعل سيكتفي بعبارات تشجيع مكرورة ليست بالتأكيد من النوع الذي يبدل المصائر.

بعد سنين طويلة سوف يذكر التاريخ أن بلداناً خاضت ملاحم إنسانية كبرى لإنقاذ مواطنيها من الوباء، ليقولوا للعالم أن لا قيمة أغلى وأهم من حياة الإنسان، من دون الاعتبار للدين والطائفة، وليذكر الإنسان العراقي أن في هذه البلاد عاش مدّعو السياسة والباحثون عن المنافع والمصالح، تركوا الوباء، وانشغلوا بالدفاع عن مصالحهم وكراسيهم وامتيازاتهم ، إضافة إلى إشغال المواطن العراقي بأمور تنغّص عليه حياته، بعضها يمكن احتماله، أملاً في أن يتكفل الزمن بحلها، وبعضها أشبه بالقدر الذي لا فكاك منه، مثل الظهور المتواصل هذه الأيام لنوابنا ” الافاضل ” على الفضائيات حيث يتوهمون أنهم يؤدون مهمة مقدّسة، فهم لا يتركوا مناسبة إلا ويخرجون علينا بطلتهم الليطيفة ليحذروا من ان البلاد ستضيع ان لم يتم التجديد لهم على كرسي البرلمان ، واخبرتنا ” المخضرمة ” عتاب الدوري ” ان انتخابها سيعيد لمجلس النواب حيويته ، فيما يصر البعض على ان لااستقرار من دون وجود حنان الفتلاوي ونظريتها ” 7×7 ” ، معظم الساسة يقدمون استعراضاتٍ سياسيةٍ يقولون فيها للجماهير إنهم اصحاب “سبع صنايع”، فنراهم يقفز مسرعاين إلى الفضائيات عشية كل أزمة .

نحن في هذا الجزء من العالم وأنا واحد منه، لا نزال نحلم بنهاية مجالس المحافظات التي خربت البلاد، لكننا للأسف بدلاً من ذلك نعيش مع برلمان يريد أن ينافس السيد فوكوياما ونهاية تاريخه.

لعل فيروس الخراب والبطالة جعل أكثر من نصف الشعب العراقي تحت خط الفقر ، كما أن وباء الانتهازية الذي يقوده عدد من الساسة وضع هذه البلاد في اخر سلم التربية والتعليم والصحة والصناعة .

أظن أن الفترة القادمة من تاريخ العراق، فيما بعد ظهور فايروس كورونا سوف تكون متخمة بالأحداث والتطورات والمصائر الدرامية الكاشفة، التي ستحتاج إلى عقول فلسفية ممن يملكون موهبة الظهور بعدة وجوه وفي اكثر من فضائية .