خاص – البغدادية
تمر اليوم الذكرى الخامسة عشر لاحتلال العراق واسقاط النظام الديكتاتوري الذي كان يحكمه ،في ظل وعود ومقدمات تعهد بها العراقيون المعارضون لصدام بانهاء الاحتلال وجعل العراق نموذجا للتنمية والاعمار والعدالة الاجتماعية ، لكن العراقي بعد خمسة عشر عاما يكتشف انه مختطف من عصابات الاسلام السياسي ومن المتحدثين باسم الدين ومن الفاسدين الذين فرطوا بمصالح اهلهم من السنة والشيعة والكرد والمكونات الاخرى .فقد شهدالعراق اغرب لحظة في تاريخه ، وأصعب موقف يواجه شعبه منذ تاسيس هذه الدولة المضطربة ، تضاربت المشاعر بين الأمر الواقع الذي دفع الولايات المتحدة الى احتلال العراق بناء على حماقات صدام وغبائه السياسي والعسكري ، حيث فتح ابواب البلد الى المؤامرات واشكال الاستعمار القديمة والجديدة ، فالعراق سيصبح دولة محتلة ، والنظام الدكتاتوري الذي حكمه سيصبح في ذمة التاريخ ، ومستقبل البلاد الى المجهول ، لكنّ امال العراقيين ظلت معلقة بالمستقبل كما هو حالها دائما ، موجات من الوعود والمنظمات والاحزاب التي رفعت لواء الحق والعدالة الاجتماعية وتعويض المواطن عن سنوات العذاب والحروب والقحط وانهاء حالة التوتر والحروب والمجتمع المسلح ، وعود بتوزيع الثروة والتنمية والنزاهة والتعليم الحديث ولحاق المجتمع والاجيال الجديدة بركب الحداثة والتطور المدني ،اسماء ومؤتمرات وبيانات واستعراض لنضالات ضد الديكتاتورية ، كل ذلك اجتمع في يوم 9- نيسان عام 2003.فماكان من العراقي الذي وجد نفسه ممزقا بين مقاومة الاحتلال لكونه احتلالا ، وبين منح الثقة لعراقيين اقسموا باسم الله وانبيائه والائمة أن يجعلوا مما حدث حالة طارئة ومخاضا لعصر جديد من الحرية والديمقراطية وسيادة مبدا المواطنة في عراق واحد لافضل لعراقي على عراقي الا بالعمل المخلص من اجل خير هذه البلاد وعزتها.
لم يبخل العراقي خلال تلك الفترة من دعم هذه الوعود فتفاعل مع خطوات القادمين لانقاذه من العراقيين أملا في انهاء حالة الاحتلال وتغيير كل شيء باتجاه بناء دولة ناجحة . انتخابات ودستور ومجالس واحزاب ومؤسسات ومواقف ليس مجال استعراضها اليوم لان العراقي اي عراقي يعرفها بالتفصيل.
بعد خمسة عشر عاما على ذلك كله ، مالذي حدث ، الفساد والارهاب وصعود الجهلة وعديمي الخبرات وتهميش الدولة وانتهاك القضاء واشاعة ثقافة التجهيل والسرقة باسم الدين ، الفاسدون يسلمون الوطن للارهابيين في تواطؤ مفضوح ، مئات الميارات من الدولارات سرقها المسؤولون دون حساب ، الاحزاب السياسية الدينية باطيافها تحديدا قدمت مثالا سيئا في حماية الفاسدين والابتعاد عن سير الائمة ومباديء العدالة والتحرر التي رفعوها ، نموذجا للفساد وهدر الدماء وتقسيم البلاد الى مراكز نفوذ حزبية ، صعدوا باسم الديمقراطية وتمسكوا بمناصبهم دون رادع ، عينوا اقاربهم واذنابهم دون مساءلة ، أهانوا المجتمع والاسرة والمراة والطفل وجعلوا منه مجتمعا حائرا معوزا يتصدقون عليه من اموال السحت الحرام ، حاربوا كل صوت مخلص وكل مثقف لم يلتحف بعباءاتهم ويقبّل اياديهم ويسكت عن رذائلهم، بذلوا من خزائن الدولة مابذلوا لاسكات الاعلام المستقل الحر الناطق باسم الشعب المسكين ، فانقسمت البلاد الى منطقتين ، الخضراء التي يختبئون فيها آمنين هم وعوائلهم يشرّعون لانفسهم قوانين ورواتب ومخصصات و أموالا عن "جهادهم " وحتى عن صلواتهم المخادعة ، ومنطقة الجوع والدم الحمراء التي تركوا فيها الفقراء نهبا للموت ، فكان العراق تحت حكمهم أسوأ البلدان في التنمية واسوا البلدان في احترام حقوق الانسان واسوأ البلدان في النظافة واسوأ البلدان في التنمية واسوأ البلدان في التعليم والصحة .
بعد خمسة عاما ، لاحل للعراق الا بمواصلة التظاهر والعصيان والثورة على هؤلاء حتى انهاء الديكتاتوريات الفاسدة الجديدة واحالة رموزها الى العدالة .
بعد خمسة عشر عاما ، لاقول سوى : اسقطو صدام ليكملوا تدمير العراق.