قالت وزارة الداخلية الأفغانية اليوم الأحد إن انتحاريا استهدف حفل زفاف في العاصمة الأفغانية كابول مما أسفر عن مقتل 63 وإصابة 182 آخرين بما لا يظهر أي علامة على تراجع العنف على الرغم من الآمال في التوصل لاتفاق بشأن انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
جاء الهجوم الذي وقع مساء أمس السبت في الوقت الذي تحاول فيه حركة طالبان والولايات المتحدة التفاوض بشأن اتفاق لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في مقابل التزام طالبان بمحادثات أمنية وسلام مع الحكومة المدعومة من واشنطن.
ونفت حركة طالبان مسؤوليتها وأدانت الانفجار الذي وقع في قاعة زفاف ممتلئة بغرب كابول في حي يقطنه شيعة.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نصرت رحيمي اليوم الأحد إن نساء وأطفالا كانوا ضمن الضحايا. وتدفقت أسر وأقارب على مقابر كابول لدفن ذويهم.
لكن الرئيس الأفغاني أشرف غني قال اليوم الأحد إن لا يمكن لحركة طالبان التنصل من المسؤولية عن الهجوم الانتحاري الذي وصفه بأنه "وحشي".
وقال في تغريدة على تويتر "لا يمكن لطالبان إعفاء نفسها من المسؤولية لأنها توفر منبرا للإرهابيين".
وجاء الانفجار بعد هجوم على مسجد في باكستان يوم الجمعة أدى إلى مقتل شقيق زعيم طالبان هيبة الله أخونزاده. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الانفجار الذي أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة نحو 20.
وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي من موقع الانفجار في كابول جثثا متناثرة في قاعة الزفاف.
ونجا العروسان من الانفجار وقال العريس لقناة طلوع نيوز "لن أتمكن من نسيان ذلك أبدا مهما حاولت" وأضاف أن أحد أبناء عمومته وبعض أصدقائه من بين القتلى.
وقال "لا يمكنني أن أذهب لتشييع الجثامين.. أشعر بضعف بالغ… أعلم أن تلك لن تكون آخر معاناة للأفغان.. ستستمر المعاناة".
وأبلغ والد العروس قناة طلوع نيوز بأن 14 من أفراد عائلته قتلوا.
وأصبحت قاعات الزفاف من المشروعات الكبيرة في كابول مع بدء الاقتصاد الأفغاني في التعافي ببطء وإنفاق الأسر مبالغ أكبر على الاحتفالات. وتتراص العديد من القاعات الكبيرة المضاءة في بعض شوارع المدينة وسبق أن استهدفها مفجرون.
وقتل 40 شخصا على الأقل في انفجار بقاعة زفاف في كابول في نوفمبر تشرين الثاني.
وتشهد أفغانستان نشاطا أيضا لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين شنوا من قبل هجمات دامية في مدن وبلدات استهدف بعضها الأقلية الشيعية.
* سفك دماء ومحادثات
لم يهدأ القتال والتفجيرات في البلاد على مدى الأشهر القليلة الماضية على الرغم من عقد محادثات بين طالبان والولايات المتحدة منذ أواخر العام الماضي.
وقالت الشرطة إن 11 مدنيا قتلوا اليوم الأحد عندما انفجرت قنبلة زرعت على جانب الطريق في السيارة الفان التي تقلهم في إقليم بلخ شمال البلاد.
وتقاتل طالبان لطرد القوات الأجنبية وإعادة تأسيس دولة إسلامية في البلاد منذ الإطاحة بالحركة من السلطة في أكتوبر تشرين الأول 2001 بعد أسابيع من هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول على الولايات المتحدة.
وقال مفاوضون أمريكيون ومن طالبان إنهم تمكنوا من إحراز تقدم بعد ثماني جولات من المحادثات عقدت منذ أواخر العام الماضي.
لكن بعض الأفغان يساورهم الشك حيال تلك الجهود وسط انتشار العنف.
وقالت رادا أكبا في تغريدة على تويتر "سلام مع من؟ مع من يفجرون أفراحنا ومدارسنا وجامعاتنا ومكاتبنا ومنازلنا؟"
وأضافت "بيع هذا الوطن وشعبه لهؤلاء القتلة مقزز ولا إنساني. ولن ينسى التاريخ ذلك".
وقال مسؤولون بحركة طالبان الأفغانية أمس السبت إن مقتل شقيق زعيم الحركة في هجوم بقنبلة في باكستان لن يعرقل المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة بهدف انسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
وأضافوا أن مفاوضي الحركة يعدون لما يأملون أن تكون الجولة الأخيرة من المحادثات. لكن لم يتم تحديد موعد لعقد تلك الجولة الجديدة بعد.
ولم يخف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في الانسحاب من أفغانستان وإنهاء أطول حرب شاركت فيها بلاده. وأطلعه كبار مستشاريه يوم الجمعة على تطورات سير المفاوضات.
ولم تشارك الحكومة الأفغانية في المحادثات بسبب رفض حركة طالبان التعامل معها إذ تعتبرها مجرد دمية في يد الولايات المتحدة.
لكن هناك مخاوف عميقة بين المسؤولين الأفغان والمعاونين بمجلس الأمن القومي الأمريكي إزاء المفاوضات، إذ يخشون من أن أفغانستان قد تنغمس في حرب أهلية جديدة تشهد عودة حكم طالبان وتمنح المتشددين ملاذا.
وقال جانبا التفاوض إن الاتفاق المتوقع يشمل تقديم طالبان ضمانات بعدم استخدام المتشددين أفغانستان ملاذا للتخطيط لهجمات جديدة مقابل التزام الولايات المتحدة بالانسحاب من البلاد.
ومن المتوقع أيضا أن تتعهد طالبان ببدء محادثات لتقاسم السلطة مع الحكومة والاتفاق معها على وقف لإطلاق النار.
ولا يزال هناك نحو 14 ألف جندي في أفغانستان يقدمون التدريب والمشورة لقوات الأمن الأفغانية وينفذون عمليات ضد المتمردين في البلاد.