أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، تزويد أوكرانيا بـ”ذخيرة عنقودية” للمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأراضيها، في خطوة لاقت انتقاد منظمات دولية.
وأتى القرار الذي أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن اتخاذه كان “صعباً للغاية” في وقت تسعى قوات كييف في للتقدم ميدانياً في هجوم مضاد أطلقته قبل شهر لاستعادة أراضٍ تُسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها.
وأكدت واشنطن حصولها على ضمانات من كييف بأن هذه الأسلحة التي حظرتها دول عدة، لن تستخدم ضد المدنيين.
وقال بايدن في مقابلة مع شبكة CNN نشرت مقتطفات منها، مساء الجمعة، إن اتخاذ هذا القرار كان “صعباً للغاية من قبلي. وبالمناسبة، لقد بحثت فيه مع حلفائنا”، محذراً من أن “ذخيرة الأوكرانيين تنفد”، وتابع: “هذه حرب ذخائر. هم تنقصهم تلك الذخيرة ونحن تنفد لدينا”.
وشدد على أن “الأمر الأساسي هو إما أن يمتلكوا هذه الأسلحة لوقف الروس الآن ومنعهم من وقف الهجوم الأوكراني (المضاد).. أو لا يمتلكونها. وأعتقد أنهم في حاجة إليها”.
وكان البيت الأبيض أكد أن تزويد أوكرانيا بهذه القنابل هو “الصواب”.
وستندرج الذخائر العنقودية ضمن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار، ما يرفع إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن إلى كييف منذ بدء الغزو الروسي إلى أكثر من 41 مليار دولار.
وقادت واشنطن الجهود الغربية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير 2022.
“ضمانات مكتوبة”
وأوضح البنتاجون أن المساعدة الجديدة تتضمن “ذخائر تقليدية محسّنة للاستخدام المزدوج”، أي “الذخائر العنقودية”.
تشمل المساعدة الأميركية مدرّعات وذخائر مدفعية وأسلحة مضادة للدبابات وغيرها.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده هي “في أمس الحاجة” لهذه المساعدة العسكرية الجديدة.
ورأى أن “تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا سيوفر أدوات جديدة لرفع الاحتلال عن أرضنا وجعل السلام أقرب”.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان إن قرار تزويد أوكرانيا ذخائر عنقودية اتخذه جو بايدن بالتشاور مع حلفائه وبعد “توصية بالإجماع” من إدارته.
وأوضح أن الخطوة ضرورية نظراً إلى “الخطر الهائل الذي يتهدد المدنيين في حال تجاوزت القوات والدبابات الروسية المواقع الأوكرانية، واستولت على مزيد من الأراضي الأوكرانية، وأخضعت مزيداً من المدنيين بسبب عدم امتلاك أوكرانيا ما يكفي من المدفعية”.
وأكد سوليفان أيضاً أن الأوكرانيين قدموا ضمانات “خطية” حول كيفية استخدام هذه الأسلحة للتقليل من “الأخطار التي تشكلها على المدنيين”.
انتقادات أممية وحقوقية
ولقي القرار الأميركي انتقادات دولية، إذ أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش رغبته في عدم رؤية هذه الأسلحة تستخدم ميدانياً.
وقال متحدث باسمه إنه “لا يرغب في استخدام الذخائر العنقودية بشكل متواصل في ميدان المعركة”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، إن “نقل هذه الأسلحة (إلى أوكرانيا) سيتسبب بشكل لا مفرّ منه بمعاناة للمدنيين على المدى الطويل”.
واعتبرت منظمة العفو الدولية، أنه على إدارة بايدن “أن تُدرك أن أي قرار يتيح الاستخدام الواسع للقنابل العنقودية في هذه الحرب سيؤدي إلى نتيجة واحدة متوقعة: القتل الإضافي للمدنيين”.
وأضافت “الذخائر العنقودية سلاح عشوائي يُمثل خطراً كبيراً على حياة المدنيين حتى بعد فترة طويلة من انتهاء النزاع”، مؤكدة أن استخدامها “لا يتوافق مع القانون الدولي”.
“معدل الفشل”
سوليفان شدد على أن واشنطن لن تزوّد كييف بذخائر ذات “معدّل فشل” يتجاوز 2.35%، مشيراً إلى أن روسيا تستخدم في المقابل ذخائر عنقودية يراوح “معدل فشلها” ما بين 30 و40%.
و”معدّل الفشل” هو نسبة القنابل التي لا تنفجر عند الارتطام بعد إطلاقها.
ويُشير مصطلح “الذخائر العنقودية” إلى أي نظام من نظم أسلحة تطلق بمجموعة من الذخائر المتفجرة الأصغر حجماً على هدف معيّن، وهي مصممة للانفجار قبل الارتطام أو عنده أو بعده. ويمكن إطلاق هذه الذخائر بواسطة القذائف أو المدفعية وحتى من قنابل من الطائرات.
ويُمكن أن يراوح عدد القنابل في هذه الذخائر بين العشرات والمئات.
وحظرت دول عدة استخدام هذه الذخائر بموجب اتفاقية أوسلو 2008، لكن العديد من الدول، مثل الولايات المتحدة وأوكرانيا، لم تصادق عليها.
ودافع سوليفان بشدة عن قرار البيت الأبيض تزويد أوكرانيا بهذه الأسلحة.
واعتبر أن “المدفعية هي في صلب النزاع” في أوكرانيا، وأن روسيا تستخدم هذا النوع من الأسلحة منذ بدء غزوها أراضي جارتها مطلع عام 2022.