أعلنت إسرائيل، الأربعاء، أنها تعتزم بناء ألف وحدة سكنية في مستوطنة “عيلي” بالضفة الغربية المحتلة، فيما هاجم مستوطنون إسرائيليون قرى فلسطينية وأحرقوا عشرات المنازل والسيارات وأطلقوا النار عليها.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حكومته ستمضي قدماً في بناء ألف وحدة سكنية في مستوطنة “عيلي” بين مدينة رام الله ونابلس، “رداً على عملية إطلاق النار” بالمستوطنة، والتي أودت بحياة 4 مستوطنين، الثلاثاء.
وصادق نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش على المضي قدماً “فوراً” في التخطيط للوحدات، وفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو، دون منح تفاصيل إضافية أو جدول زمني لعملية البناء.
ويأتي القرار الإسرائيلي في ظل معارضة أميركية وأممية لخطط الحكومة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية.
هجمات مستوطنين
وهاجم عشرات المستوطنين، قرية “ترمس عيا” قرب رام الله، وأضرموا النار في الحقول وفي المركبات، واعتدوا على المواطنين بالحجارة والعصي.
وأفاد مواطنون من القرية بأن “المستوطنين المسلحين يحرقون كل ما تقع عليه أيديهم”، ووزّع سكان مقاطع فيديو تظهر ألسنة اللهب، وهي تتصاعد من الحقول والمركبات.
وأعاد هذا الهجوم إلى الأذهان هجوم مماثل على قرية حوارة قبل عدة شهور، أحرق خلاله مستوطنون عشرات البيوت والمتاجر والمركبات.
وشن المستوطنون سلسلة هجمات مماثلة الليلة الماضية على العديد من القرى، أحرقوا خلالها مساحات واسعة من الحقول الزراعية، وعدداً كبيراً من المركبات، وحطموا بيوتاً ومحال تجارية.
تشييع ضحايا
وشيَّع فلسطينيون وإسرائيليون ضحاياهم، الأربعاء، بمن فيهم فتية من الجانبين سقطوا إثر تجدد دائرة العنف في الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي هجمات المستوطنين في أعقاب هجوم مسلح نفذّه شابان فلسطينيان على محطة للوقود في مدخل مستوطنة “عيلي”، الثلاثاء، أودى بحياة 4 مستوطنين، وأصاب 4 آخرين بجروح إصابة أحدهم خطرة.
نُفذ الهجوم غداة مقتل 7 فلسطينيين، 6 منهم خلال عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين شمال الضفة، أسفرت عن إصابة العشرات بجروح بينهم أكثر من 20 إصابة بين خطرة وحرجة. وقُتل شاب فلسطيني آخر قرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء، وفاة فتاة (15 عاماً) “متأثرة بإصابتها قبل يومين (الاثنين) برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على جنين”. وفي وقت لاحق شيع جثمانها بعد أن وضع رفيقاتها وبنات صفها وهن يرتدين زيهن المدرسي والدموع تنهمر من أعينهن جثمانها على أكتافهن، بعد أن وضعن فوقه ثوبها المدرسي ولُف بالعلم الفلسطيني، وفق فيديو تناقلته وسائل إعلام.
في الجانب الإسرائيلي، شُيع جثمان شاب (17 عاماً) في مستوطنة شيلو، ورجل في الستين من عمره في مستوطنة “عيلي” في وقت واحد تقريباً بعد دفن الضحيتين الآخرين في الليل.
هجمات انتقامية
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أنه اعتقل “ثلاثة مطلوبين” في قرية عوريف الفلسطينية، وأن جنوده يحاولون “رسم مخططات” منازل منفذي الهجوم قرب مستوطنة عيلي.
وتنتهج إسرائيل سياسة هدم منازل منفّذي العمليات، التي تستهدف جنودها أو مواطنيها وتقول إنّها تقوم بذلك لردعهم، لكن منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية تعتبرها وسيلة انتقامية وعقاباً جماعياً.
في حوارة، قرب نابلس، هاجم نحو 100 مستوطن يهودي السكان، وأضرموا النار في أرضٍ زراعية، وفق ما أفاد رئيس البلدية، وأحد السكان وكالة “فرانس برس” عبر الهاتف.
وأفاد مراسل ميداني لـ”فرانس برس” أن مستوطنين أحرقوا أشجار زيتون، وسجل الهلال الأحمر الفلسطيني عشرات الإصابات.
كما اعتدى مستوطنون في المساء على قريتي اللبن الشرقية بالقرب من “عيلي” و”بيت فوريك”، وأحرقوا سيارات وحقول زراعية.
قلق إزاء تصاعد العنف
ودانت الولايات المتحدة “الهجوم على إسرائيليين بالقرب من عيلي”، وقالت إنها “قلقة من استمرار العنف في إسرائيل والضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة”.
وقال ميلون كوثري، عضو في لجنة تحقيق مستقلة بتفويض من الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن تزايد عنف المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة “مصدر قلق كبير”، معلناً عن خطط لإجراء مزيد من التحقيقات.
ويندرج الهجوم في إطار تصعيد في التوتّرات رفع حصيلة ضحايا الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع يناير وحتى الثلاثاء إلى ما لا يقلّ عن 170 فلسطينياً، و21 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي.
وتشهد الضفة الغربية تصاعداً في العنف منذ 15 شهراً، مع تصعيد للغارات والمداهمات الإسرائيلية، فيما أثار مسؤولون أميركيون وأوروبيون مراراً قضية هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، التي بلغت مستويات قياسية مرتفعة العام الماضي، واستمرت في الزيادة منذ تولي حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذات النزعة الدينية القومية، السلطة في يناير والتي سرّعت وتيرة التوسع الاستيطاني.
ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2.9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى أكثر من نصف مليون مستوطن يهودي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ عام 1967.