5 ثورات تكنولوجية عملاقة ننتظرها في 2018

تنتظرنا الكثير من المفاجآت في عالم التكنولوجيا في سنة 2018. هذه «الثورات العلميّة» ستكون على هيئة اختراعات وتجارب تُقام لأول مرة في 2018، أو ستُعمم لتصبح تكنولوجيا شائعة قادرة على تغيير وجه العالم كما نعرفه إلى الأبد. لن يكون توقعنا مبالغًا فيه إذا قلنا بأن استمرار هذا التقدم التقني والتكنولوجي سيكون سمة أساسية في تشكيل مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة على الكوكب. في هذا التقرير، نعرض خمسة اختراعات نتوقع أن تكون لها تأثيرات هائلة في نظرتنا للعالم، وفي تشكيل طريقة حياتنا في سنة 2018 وما بعدها.

 

1-الأجِنَّة الاصطناعية.. تصوّرات جديدة لبداية الخلق!
نجح فريق من علماء الأجنة بجامعة كامبريدج البريطانية في تخليق هيكل جنين فأر ينمو طبيعيًا، باستخدام خلايا جذعية مأخوذة من جنين فأر آخر، دون الحاجة لاستخدام بويضة أو حيوانات منوية. واستخدم الفريق نوعين من الخلايا الجذعية لتكوين أشكال ثلاثية الأبعاد، ذات أشكال أكثر تنظيمًا، لتخليق بنية حيوية تشبه إلى  حد ما جنين الفأر الطبيعي، وكان الغريب أن ترابطت الدعامات وشكّلت بطانة لنسيج شبه كروي لجنين فأر بعمر أيام.

كان الهدف الأول لفريق البحث هو دراسة كيفية بدء خلايا الجنين في تنظيم أدوارها المتخصصة في الأيام الأولى من عمره، ومن ثم تخليق جنين اصطناعي من خلايا جذعية بشرية، وهو الهدف الذي شاركهم في تحقيقه باحثون من جامعتي ميتشيجان وروكفلر. وقد ألمحت زيرنيكا غويتز، واحدة من فريق الباحثين، إلى احتمالية أن تكون الثدييات قد بدأت على الأرض بدون بويضة، وتقول: «كنّا مدركين لإمكانيات الخلايا الجذعية المتعددّة، لكننا لم نتخيل قدرتها على التشكيل والتنظيم بذاتها على هذا النحو المميز».

يعطي هذا الاكتشاف بُعدًا مختلفًا كليًّا عن الخلق والحياة؛ فمن ناحية يُسهل هذا الاكتشاف على الباحثين دراسة نشأة الكون وبداية الحياة البشرية، لكن من جانب آخر أثار هذا الاكتشاف مناقشات بيولوجيّةً أخلاقيّة عند الحديث عن إمكانية تخليق جنين بشري، وهو ما يقابل بقواعد تجبر العلماء على إيقاف التجربة على أي جنين بشري بعد 14 يومًا من تكونه، فماذا لو تبين أن الأجنة الاصطناعية لا تختلف عن الأجنة الطبيعية؟ وكيف إذا أمكن تخليقها وحل مشكلة الخصوبة؟ وما هو مقدار التدخل في مراحل تكون الجنين بالتعديل؟ كلها أسئلة ستحدد الإجابات عليها مدى التطور في الاستخدامات الطبية لهذه الفكرة الثورية.

 

2-الذكاء الاصطناعي.. من المعامل إلى الأسواق

 

يُعدّ الذكاء الاصطناعي حتى الآن فكرةً تحتكرها شركات التكنولوجيا الكبيرة، مثل: أمازون وجوجل ومايكروسوفت، وبعض الشركات الناشئة التي يمكنها تحمل تكلفته العالية وصعوبة تنفيذه؛ ما يجعلها تكنولوجيا قاصرة على عدد قليل من الشركات والخدمات أيضًا. وتعتبر محاكاة العقل البشري التكنولوجيا الرئيسة في الذكاء الاصطناعي، ومن ثم تصميم تطبيق ذكي يمكنه التعلُّم تمامًا كعقل الإنسان. وهو ما تهدف له أدوات التعُّلم الآلي، التي تهتم بتصميم وتطوير تقنيات تسمح للحاسبات الآلية بالتعلم، بالاعتماد على خدمات السحابة الإلكترونية، والتي تجعل الخدمة بلا حدود بيد جمهور أوسع من كل وقت مضى.

تعد فرصة جعل استخدام الذكاء الاصطناعي شائعة تحديًا للشركات الكبرى، فحتى الآن تسيطر شركة «آمازون» على خدمات الذكاء الاصطناعي من خلال شركة «آيه. دبليو. إس» (AWS) المملوكة لها، وتتحداها جوجل مع «تنسورفلو» (TensorFlo)، وهي مكتبة برمجية مفتوحة المصدر لخدمات الذكاء الاصطناعي، ويمكن استخدامها لتصميم برامج أخرى للتعلم الآلي، وهو ما استغلته جوجل حتى إعلانها مؤخرًا عن سحابة «أوتومل» (AutoML) الإلكترونية، وهي مجموعة من النظم المدربة مسبقًا على جعل الذكاء الاصطناعي خدمة سهلة وبسيطة، ومتاحة لجمهور أوسع من المستخدمين والمطوّرين.

لن يقتصر تأثير الخدمة الجديدة على التكنولوجيا الرقمية فقط، فمن أسباب الاهتمام بتمكين الجميع منها إمكانية تحويل قطاعات مثل الطب والصناعة والطاقة لقطاعات متطورة، مع زيادة ضخمة في الإنتاج وتحسين الخدمة، ومع استخدام الشركات للخدمة مجانًا سيمكنها من نشر خدماتها المختلفة للجمهور بشكل أفضل وسعر أرخص، والمؤكد أنه وبمجرد أن تصل خدمات الذكاء الاصطناعي ليد الجميع يمكن لثورة تكنولوجية جديدة أن تبدأ.

3-غاز طبيعي بلا كربون

 

الغاز الطبيعي أحد مصادر كوكبنا الأساسية لتوليد الكهرباء، باعتباره مصدرًا منخفض التكلفة ومتاحًا ونظيفًا نسبيًا، ويمد دول العالم بنسبة 22% من الكهرباء التي تحتاجها، إلا أنه مصدر هائل لانبعاثات الكربون. ولهذا تختبر إحدى محطّات توليد الطاقة التجريبية تكنولوجيا جديدة تصنع من الغاز الطبيعي مصدرًا نظيفًا للطاقة. وتقف وراء مشروع الطاقة النظيفة شركة «Net Power» التي تعتقد بأنها قادرة على توليد الطاقة في محطات غاز طبيعي بأسعار قياسية وبدون الكميّات الكبيرة من ثاني أكسيد الكربون، أحد أسباب الاحتباس الحراري، التي يتم انبعاثها أثناء مراحل تهيئة الغاز الطبيعي للاستخدام في الصناعات المختلفة؛ ما يعني أن العالم قد يصبح قادرًا على إنتاج طاقة خالية من الكربون من الوقود الأحفوري، وبتكلفة معقولة.

شركة «Net Power» هي ثمرة تعاون بين مجموعة من الشركات الكبرى في مجال الطاقة، وهي «8 Rivers Capital» و«Exelon Generation» و«CBI»، وقد بدأت الشركة في مراحل الاختبار المتقدمة للمشروع، والتي يتوقع إعلانها في غضون الأشهر المقبلة. وتكمن الفكرة الرئيسة للشركة في التخلّص من ثاني أكسيد الكربون المنتج أثناء عملية احتراق الغاز الطبيعي، وذلك عن طريق تعريضه لضغط عالٍ وحرارة مرتفعة، إذ يستخدم ثاني أكسيد الكربون بعد التعرض للضغط والحرارة المرتفعين، ليكون الوقود الذي يستخدم لتشغيل موتور مصنع خصيصًا؛ وتسمح هذه العملية بإعادة استخدام معظم ثاني أكسيد الكربون المستخرج، بينما يتم السيطرة على الكميات المتبقية بتكلفة رخيصة.

لا يمكن اعتبار هذه التقنية من شركة «Net Power» بمثابة الحل الجذري لكل الانبعاثات السيئة التأثير للغاز الطبيعي، إذ تختص التقنية بحل مشاكل الانبعاثات الناتجة أثناء مراحل التجهيز للاستهلاك الصناعي، بينما ستبقى الانبعاثات التي تُنتج أثناء عملية استخراج الغاز محل البحث. في الوقت نفسه، لا يمكن النظر إلى هذه التقنية إلا من منظور أنها ثورة تقنية في مجال استخدام الغاز الطبيعي وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه.

4-الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد

 

انتشرت فكرة الطباعة ثلاثية الأبعاد في السنوات الأخيرة بشكل كبير، إلا أن انحسار استخدامها للمواد البلاستيكية في إنتاج المطبوعات، جعل منها أداة للهواة وصناعة الأدوات الصغيرة فقط. كان ذلك بسبب الصعوبات الكبيرة والتكلفة الباهظة لاستخدام أي مواد ذات قيمة اقتصادية أكبر من البلاستيك في عملية الطباعة. الآن وفي الفترات القريبة المقبلة، سيكون من السهل، وحتى بتكلفة رخيصة، أن يستخدم المصنعون المعادن مادةً لطباعة منتجاتهم ثلاثية الأبعاد.

ستكون الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام المعادن ثورة صناعية وتجارية كبرى، إذ لن تكون الشركات والمؤسسات الصناعية مجبرة على تصنيع مخزون كبير من منتجاتها بطيئة التوزيع، فسيكون من السهل أن يتم طباعة الأجزاء المعطوبة من المنتجات في وقت الحاجة فقط؛ ما سيزيح الضغط المطلوب لصناعة كميات كبيرة كافية لإشباع طلب السوق، وتخزين كل هذه الكميات، ونقلها لأماكن الاستهلاك في الأماكن المختلفة.

التطبيق الأبعد لهذه التقنية سيكون استبدال مصانع الإنتاج ذاتها، والتي ستنعدم الحاجة لوجودها إذا كانت هناك إمكانية طوال الوقت لإنتاج أي قطع غيار لأي منتج بشكل فوري، وذلك عن طريق استبدال هذه المصانع بطابعات معدنية ثلاثية الأبعاد بأحجام ومواصفات مناسبة، وهذه الإمكانية ستكون قابلة للتعديل طبقًا لحاجة السوق والعميل الفرد. بدأ هذا الأمر عندما أعلن فريق بحثي في معمل لورنس ليفرمور الوطني أنهم تمكنوا من إنتاج قطع من المعدن غير القابل للصدأ بضعف قوة القطع المنتجة بالطرق العادية، وذلك باستخدام طريقة الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد. في نفس العام، تمكنت شركة ناشئة من إنتاج أول طابعة تعمل بتقنية الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد بتكلفة 100 ألف دولار أمريكي.

5-الهندسة الوراثيّة.. أبعاد جديدة

 

شهدت السنوات الأخيرة دراسات متعددة وممتدة في مجال الهندسة الوراثيّة، هذه الدراسات ضمنت للبشرية طفرة هائلة في هذا المجال قد تتيح للبشر التعرف إلى إمكانية التعرض لأمراض معينة منذ الطفولة المبكرة. هذه الإمكانية ليست ثورة في ذاتها، ولكن في عدد الأمراض والجينات المسئولة عنها والتي نجحت الدراسات في رصدها وتوقع تأثيراتها على جسم الإنسان، وبالتالي معرفة الطرق الأنجح لعلاجها أو حتى تلافيها في الأجيال المقبلة.

مع تزايد أعداد الدراسات الخاصة بتأثير الجينات على الصحة، ثبت بأدلة متعددة أن الأمراض الشائعة إنما تنتج عن تفاعل مجموعة متغيرة العدد من الجينات المتفاعلة، وليس جينًا محدّدًا كما هو السائد، وقد ساعدت هذه الدراسات على إنتاج معادلة «نسب المخاطر الجينية» (polygenic risk scores)، وتنتج هذه المعادلة رقمًا يعتمد على التنوع في مجموعة من القواعد الجينية والأوزان النسبية الخاصة بها. يمكن اعتبار هذا الرقم التوقعَ الأفضل للسمات أو الأمراض التي يمكن الإصابة بها، وذلك بالأخذ في الاعتبار الاختلاف في المتغيرات الجينية المتعددة.

هذه المنتجات الجديدة للدراسات الجينية سوف تزود الباحثين والمتخصصين في الطب بإمكانات جديدة وهائلة، أهم هذه الإمكانات هي إمداد الشركات المتخصصة في إنتاج الأدوية بالبيانات اللازمة لصناعة «العقاقير الوقائية» لكثير من الأمراض المعروفة حاليًا مثل الألزهايمر وأمراض القلب. هذه الإمكانات ليست في الحالة التي تسمح لنا بالاعتماد عليها كليًا، لكنها في نفس الوقت تعد بالكثير في المستقبل القريب خصوصًا مع استمرار هذه الدراسات.