واشنطن تعيد توجيه “مساعداتها الخارجية” لمواجهة النفوذ الاقتصادي الصيني

قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إنه لمواجهة النفوذ الاقتصادي العالمي المتصاعد للصين، أعادت الولايات المتحدة توجيه مساعداتها الخارجية، فبدلاً من الاعتماد فقط على إقراض الأموال أو دعم التجارة، تتجه واشنطن الآن إلى استثمار أموالها في الخارج من أجل تعزيز أمنها القومي، وضمان إبقاء الموانئ وشبكات الاتصالات في أيدٍ صديقة.

في مقدمة هذه الجهود تأتي وكالة تمكَّن الكونغرس من تطويرها في عام 2019، وهي “مؤسسة تمويل التنمية الدولية” (دي إف سي)، التي وصفها النائب مايكل ماكول، زعيم الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بأنها “الأداة الاستثمارية بالغة الأهمية التي نمتلكها الآن في منافستنا ضد الصين”.

وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب سارعت إلى الاستفادة من هذه المؤسسة عبر مناقشة شراء حوض بناء سفن مع مسؤولين يونانيين، وتقديم قروض لصرف إثيوبيا عن الاعتماد على معدات شبكات اتصالات الجيل الخامس (5G) التي تنتجها شركة “هواوي” الصينية.

والآن، تريد إدارة الرئيس بايدن، بحسب “وول ستريت جورنال” الذهاب إلى أبعد من ذلك، إذ تضع لنفسها مآرب أخرى، مثل مجابهة دبلوماسية اللقاح التي تنتهجتها بكين، وغيرها.

منافسة “الحزام والطريق”
في هذا السياق، أعلنت مجموعة السبع الشهر الماضي عن مبادرة جديدة، تسمى “إعادة بناء عالم أفضل”، ووعدوا بأن تطلق مئات المليارات من الدولارات من أجل إقامة مشروعات في الدول الأكثر احتياجاً، وقد أُرِيدَ لهذه المبادرة أن تكون بديلاً صريحاً لعروض البنية التحتية التي تقدمها الصين.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين، أن مؤسسة “دي إف سي” هي “الأداة الأقوى في هذه المبادرة”، إذ يتجاوز سقفها الاستثماري البالغ 60 مليار دولار موارد نظيراتها في الدول الأخرى الست مجتمعة.

وقال رئيس العمليات في المؤسسة، ديفيد مارتشيك: “سوف نستثمر المزيد هذا العام مقارنة بأي وقت مضى في تاريخ المؤسسة، ما يعكس بجلاء رؤية الرئيس”.

وأشار القادة الأميركيون إلى أن “دي إف سي” تقدم التمويل بشروط أقل مقارنة بالشروط التي تفرضها بكين، والتي يمكن أن ترتبط قروضها بمعدلات فائدة عالية وضمانات شاقة، مثل الموانئ، وشروط استخدام موردين صينيين.

وقال نائب مستشار الأمن القومي ومسؤول البيت الأبيض الذي يعمل عن كثب مع “دي إف سي”، داليب سينغ، إن هدف المؤسسة ونظرائها في مجموعة السبع هو “تقديم منتج أفضل من تلك الشروط الغامضة والابتزازية والتعسفية” التي تفرضها المشروعات المدعومة من قبل الصين، على حد تعبيره.

عودة المساعدات الخارجية
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنه بعد سنوات من التذبذب واتهامات من مشرعين بفقدان التركيز، عادت قضية المساعدات الخارجية لتجد اهتماماً كبيراً مجدداً وذلك مع إطلاق الصين مبادرة “الحزام والطريق”.

وأقر الكونغرس، بقيادة عضوي مجلس الشيوخ، كونز وبوب كوركر، قانون “الاستخدام الأفضل للاستثمارات المؤدية إلى التنمية” في 2018، وحوّل القانون وكالة “مؤسسة الاستثمارت الخاصة الخارجية” المختصة بالمساعدات، والتي كانت قائمة بالفعل، إلى مؤسسة “دي إف سي”.

فتحت الوكالة الجديدة أبوابها في ديسمبر 2019، برئاسة وزير الخارجية، وارتفع الحد الأقصى للاستثمارات في المؤسسة الجديدة إلى 60 مليار دولار، وهو ضعف ما كان موجوداً في الوكالة القديمة.

ونظراً لأن الوكالة غير مطالبة بدعم المشروعات التي تشارك فيها الشركات الأميركية فقط، فقد سهَّل ذلك، كما تقول “وول ستريت جورنال”، استهداف مشروعات الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تعتبر حيوية، إذ تفتقر الولايات المتحدة إلى لاعب دولي رئيسي في هذه الصناعة.

محاولات مبكرة
وافقت إحدى مبادرات “دي إف سي”، التي تم الإعلان عنها في أواخر 2019، على إقراض حتى 190 مليون دولار إلى شركة تتخذ من نيفادا مقراً، لإنشاء أطول كابل ألياف ضوئية تحت البحر في العالم، بين الولايات المتحدة وسنغافورة وإندونيسيا وبالاو، ما يوفر بديلاً لشبكات هواوي المبنية تحت البحر.

وقال آدم بويهلر، المعيّن من قبل إدارة ترمب كأول رئيس تنفيذي لمؤسسة “دي إف سي”، إنه كان من السهل عليه الوصول إلى قادة أي دولة نامية.