واشنطن تدرس إرسال قوات خاصة لحراسة السفارة الأميركية في كييف

يدرس مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون أميركيون، خططاً لإرسال قوات خاصة إلى كييف لحراسة السفارة التي أُعيد فتحها أخيراً، في ظلّ الغزو الروسي لأوكرانيا، كما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وأشارت الصحيفة إلى أن اقتراحاً في هذا الصدد لم يُقدّم بعد للرئيس الأميركي جو بايدن. لكنها نقلت عن مسؤولين إن موافقة بايدن ستتيح نشر القوات الأميركية فقط للدفاع عن السفارة وضمان أمنها، إذ تقع في مرمى الصواريخ الروسية.

واعتبرت الصحيفة أن نشر تلك القوات في أوكرانيا يشكّل تصعيداً، بعد تعهّد بايدن بالامتناع عن إرسال قوات أميركية إلى الجمهورية السوفيتية السابقة.

وأضافت أن إدارة بايدن تسعى إلى موازنة مخاوف لدى وزارة الخارجية الأميركية، من أن اتخاذ موقف أمني قوي وواضح في السفارة يمكن أن يستفزّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع الحاجة إلى ردع هجوم محتمل على أميركيين، وامتلاك قوات كافية لإخراجهم إذا اندلع القتال مجدداً في كييف.

وتواصل روسيا استهداف العاصمة الأوكرانية، من خلال غارات جوية أو قصف عرضي، حتى مع عودة المدينة إلى وضعها الطبيعي. وستوفّر وزارة الخارجية الأميركية الأمن للسفارة في كييف، من خلال حراس في جهاز الأمن الدبلوماسي.

طفل أمام دبابة روسية مدمرة في معرض للآليات الروسية المدمرة في العاصمة الأوكرانية كييف. - REUTERS
طفل أمام دبابة روسية مدمرة في معرض للآليات الروسية المدمرة في العاصمة الأوكرانية كييف. – REUTERS

تدريب الجيش الأوكراني

وثمة تخطيط أوّلي في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاجون) ووزارة الخارجية، لنشر عشرات من أفراد القوات الخاصة، الذين يمكن أن يعززوا الأمن في السفارة الأميركية، أو يمكن أن يكونوا مستعدين للانتشار إذا لزم الأمر.

وإضافة إلى استخدام قوات خاصة لضمان الأمن في السفارة، يدرس المسؤولون استعادة مفرزة من حراس الأمن البحري، مثل تلك التي توفر الأمن عادة في السفارات بالعالم. لكن أيّ اقتراحات رسمية في هذا الصدد، لم تُرسل حتى الآن إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، أو بايدن.

وقال الناطق باسم البنتاجون جون كيربي: “نحن على اتصال وثيق مع زملائنا في وزارة الخارجية، بشأن المتطلّبات الأمنية المحتملة الآن، بعدما استأنفوا عملياتهم في السفارة بكييف. ولكن لم تُتخذ أيّ قرارات، ولم تُناقش أيّ اقتراحات محددة على مستويات عليا في الوزارة، بشأن عودة جنود أميركيين إلى أوكرانيا، لهذا الغرض أو لأيّ هدف آخر”.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقاء في بولندا مع موظفي السفارة الأميركية في كييف. 5 مارس 2022 - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقاء في بولندا مع موظفي السفارة الأميركية في كييف. 5 مارس 2022 – REUTERS

ويرى مسؤولون أميركيون وجوداً أكبر للولايات المتحدة في كييف، من أجل إدارة أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات، أُرسلت إلى أوكرانيا في الأشهر الأخيرة، اعتماداً على كيفية تطوّر الحرب في الشرق مع الجيش الروسي. ويرغب مسؤولون عسكريون أميركيون في إعادة قوات خاصة ووحدات أخرى، كانت تنفذ عمليات تدريب وتقدّم مشورة للجيش الأوكراني، بحسب “وول ستريت جورنال”.

سفيرة أميركية في كييف

كانت السفارة في كييف مغلقة، حين غزت روسيا أوكرانيا، في 24 فبراير الماضي، وانتقل موظفوها الدبلوماسيون إلى بولندا، فيما أجرت مجموعة محدودة منهم رحلات وجيزة إلى مركز دبلوماسي مؤقت في لفيف، غرب أوكرانيا والتي تبعد نحو 70 كيلومتراً من بولندا.

بعد فشل القوات الروسية في الاستيلاء على كييف وتنصيب حكومة موالية لموسكو، حوّلت القوات الروسية عملياتها إلى إقليم دونباس في شرق أوكرانيا، أواخر مارس.

ورغم أن كييف لا تزال مهددة بالمدفعية والصواريخ الروسية، فإن دولاً كثيرة حليفة للولايات المتحدة أعادت فتح سفاراتها، أو أعادت دبلوماسيين إلى كييف، بعد نقلهم إلى أجزاء أخرى من البلاد.

حارس أمن أمام السفارة الأميركية في كييف - 15 فبراير 2022 - Bloomberg
حارس أمن أمام السفارة الأميركية في كييف – 15 فبراير 2022 – Bloomberg

وبدأت وزارة الخارجية الأميركية بالاعتماد على جيش بلادها لضمان الأمن.

وفي 8 مايو، عادت كريستينا كفين، وهي دبلوماسية بارزة في البعثة الأميركية إلى أوكرانيا، ومجموعة محدودة من الدبلوماسيين الأميركيين المتمركزين مؤقتاً في بولندا، إلى مجمّع السفارة في كييف، لإحياء “يوم النصر في أوروبا” مع المسؤولين الأوكرانيين.

ورافقت الدبلوماسيين قوات خاصة أميركية اختارتها قيادة العمليات الخاصة المشتركة في قاعدة “فورت براج” بولاية كارولاينا الشمالية، في أول حالة معروفة دخلت فيها قوات أميركية أوكرانيا منذ الغزو الروسي، بحسب “وول ستريت جورنال”.

ورُفع العلم الأميركي في السفارة، الأربعاء الماضي. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الوزارة “أعدّت تدابير إضافية لزيادة سلامة زملائنا العائدين إلى كييف، وعززت إجراءاتنا وبروتوكولاتنا الأمنية”، علماً أن مجلس الشيوخ ثبّت أخيراً تعيين بريدجيت برينك سفيرة أميركية جديدة في كييف، لكنها لم تصل بعد إلى أوكرانيا

تجربتا بنغازي وكابول

وذكر مسؤولون أميركيون إن المجموعة الأوّلية من الدبلوماسيين الأميركيين ستكون محدودة، مشيرين إلى أن الأمر سيستغرق وقتاً وموارد لإعادة نقلهم وعائلاتهم إلى السفارة.

ولفت المسؤولون إلى فوائد واضحة لهذا الوجود الدبلوماسي المتجدد، إذ سيتمكّن الموظفون الأميركيون من التفاعل شخصياً مع الحكومة الأوكرانية، ومراقبة توزيع أسلحة أميركية بمليارات الدولارات، ومراقبة تحرّكات القوات الروسية وتقديم خدمات فنية. وتابع المسؤولون أن إضافة مزيد من الأصول الاستخباراتية، سيكون أمراً أساسياً.

وتُعتبر السفارة الأميركية في كييف منشأة دبلوماسية أوروبية تقليدية، وليست مجمّعاً محصّناً كما هي الحال في أجزاء أخرى من العالم، حيث ثمة تهديدات أمنية مديدة.

مروحية عسكرية تحلق فوق السفارة الأميركية في العاصمة الأفغانية كابول - 15 أغسطس 2021 - AFP
مروحية عسكرية تحلق فوق السفارة الأميركية في العاصمة الأفغانية كابول – 15 أغسطس 2021 – AFP

 ويستبعد مسؤولون تعرّض السفارة لهجوم، مشابه لذاك الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي بليبيا، عام 2012، وأسفر عن مصرع 4 أميركيين، بينهم السفير. لكنهم بشكل عام غير مرتاحين بشأن إرسال دبلوماسيين أميركيين إلى منطقة حرب.

وثمة أيضاً مسألة إخلاء السفارة الأميركية في كابول الصيف الماضي. وبينما كانت حركة “طالبان” تسيطر على أفغانستان، حضّ البنتاجون وزارة الخارجية على البدء بتقليص عدد الموظفين في السفارة، ويتجاوز 4 آلاف فرد.

وتردد مسؤولو وزارة الخارجية في نقل الدبلوماسيين، نتيجة إصرارهم على إبقاء بعثة دبلوماسية قوية في كابول، رغم تدهور الوضع الأمني. وفي أغسطس، أجلت القوات الأميركية الدبلوماسيين المتبقين إلى مطار كابول الدولي، حيث واصل بعضهم العمل خلال أيام أخيرة فوضوية.