تحت عنوان “بين وعود الديمقراطية وإخفاقات النظام الانتخابي المتكررة في العراق” نشر معهد واشنطن تحليلا عن مسار الانتخابات في العراق بعد أكثر من 20 عاما على سقوط النظام السابق قائلة إن هناك أزمة عميقة في ممارسة الديمقراطية يعاني منها العراقيون, فالانتخابات، التي يُفترض أن تكون وسيلة سلمية لتجديد الشرعية السياسية وبناء الدولة وتمثيل إرادة الناخبين، تحولت في العراق إلى مجرد واجهة تُستخدم لتكريس النفوذ، وتبادل المواقع داخل منظومة حاكمة تتسم بالفساد.
وقال معهد واشنطن إن العراق يفتقر إلى الآليات الأساسية اللازمة لإجراء انتخابات حرّة ونزيهة، وفي مقدمتها عجز الدولة عن كبح جماح الجماعات شبه العسكرية ومنعها من استخدام القوة, وأن انتشار الأسلحة في العراق يشكل تهديداً مباشراً للناخبين، ولجان الانتخابات، والمرشحين، ويُستخدم خلال موسم الانتخابات كأداةٍ للضغط السياسي لذا فإن الحديث عن انتخابات “مكتملة الأركان” في العراق يبدو حتى الآن بعيد المنال، لأسباب عديدة، أهمها غياب البيئة الآمنة والنزيهة التي تسمح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم بحرّية، وتتيح للقوى الجديدة التنافس العادل دون الخضوع لابتزاز السلاح أو هيمنة المال.
وأضاف معهد واشنطن أن السلاح المنفلت لا يزال يتصدر المشهد السياسي في العراق، ليس فقط كأداة تهديد مباشر للناخبين والمفوضية والمرشحين، بل أيضًا كوسيلة ضغط تُستخدم لترجيح كفة قوى معينة على حساب أخرى, وكانت تجربة ما بعد انتخابات 2021 خير دليل على ذلك؛ حيث فازت كتلة الصدر لكنها لم تتمكن من تشكيل الحكومة، بسبب ضغوط القوى المسلحة التابعة لـ”الإطار التنسيقي” المدعوم من قبل ايران، والتي لجأت إلى تعطيل العملية السياسية من خلال ما أُطلق عليه آنذاك “الثلث المعطّل” وصولاً إلى الاقتتال الشيعي- الشيعي في شوارع بغداد وعلى أعتاب المنطقة الخضراء، معقل القرار السياسي والحكومي في العراق.
وأشار معهد واشنطن إلى أن مستقبل الديمقراطية في العراق يظل مرهوناً بإرادة سياسية صادقة لإصلاح العملية الانتخابية من جذورها, ولمعالجة الإخفاقات المتكررة في العملية الانتخابية في العراق لا بد من تبنّي إصلاحات جذرية تبدأ بضبط السلاح المنفلت وإنهاء هيمنة الميليشيات المسلحة على القرار السياسي، ومن ثم توفير بيئة آمنة وحيادية تسمح بمشاركة حقيقية للناخبين والمرشحين. كما يجب مراقبة المال السياسي ووضع تشريعات صارمة للحد من تمويل الحملات بطرق غير مشروعة، ومحاسبة المتورطين في شراء الأصوات أو التأثير على الناخبين.
