ماكينزي: انسحاب القوات الأميركية يقوّض عمل الاستخبارات في أفغانستان

حذر قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكينزي، من أن جمع المعلومات الاستخباراتية في أفغانستان أصبح “تحدياً صعباً”، بعد انسحاب معظم القوات الأميركية من البلاد، لافتاً إلى أن واشنطن قلقة من هجمات إرهابية ضدها في المستقبل تأتي من أفغانستان.

وأدلى ماكينزي أصدر بهذه التصريحات، الأحد، قبل سفره إلى كابول، حيث سيتسلم قيادة المهمة الأميركية المتبقية في أفغانستان خلفاً للجنرال أوستن ميللر الذي سيتنحى من منصبه.

ونقلت شبكة “سي إن بي سي نيوز” الأميركية عن ماكينزي قوله: “معلوماتي حول ما يحدث في أفغانستان ليست كما كانت  قبل 180 يوماً”.

“معظم معلوماتنا الاستخباراتية المتعلقة بطالبان تأتي من الحكومة الأفغانية”، يقول ماكينزي، مضيفاً: “إنهم يتوفرون على نظام استخبارات جيد، وأعتقد أنه سيستمرون في الحفاظ على هذه البنية الاستخباراتية الجيدة”.

ويأتي استلام ماكينزي قيادة القوات الأميركية في أفغانستان خلفاً  للجنرال أوستن ميللر، أكثر ضابط أميركي خدمة في الحرب، بمثابة نهاية زمزية للحرب في أفغانستان، التي استمرت 20 عاماً، وفقاً لـ”واشنطن بوست“.

الرئيس الأفغاني أشرف غني والجنرال أوستن ميلر خلال لقاء في كابول، 2 يوليو 2021 - REUTERS
الرئيس الأفغاني أشرف غني والجنرال أوستن ميلر خلال لقاء في كابول، 2 يوليو 2021 – REUTERS

ويتقدم الانسحاب الأميركي من أفغانستان بوتيرة متسارعة منذ الإعلان عنه في أبريل، إذ كان لدى الولايات المتحدة بين 2500 إلى 3500 جندي في أفغانستان عند إعلان بايدن قرار الإنسحاب، إلا أن أكثر من 90% من العناصر والمعدات الأميركية غادرت مطلع يوليو الجاري.

وبعد الانتهاء الرسمي للمهمة العسكرية في 31 أغسطس المقبل، ستحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 650 جندياً في كابول لأمن السفارة، وعدة مئات آخرين للمساعدة في تأمين مطار حامد كرزاي الدولي.

تهديد طالبان

وأقر ماكينزي بأن شبكة الاستخبارات الخاصة بالحكومة الأفغانية أصبحت “تتقوض” بسبب سيطرة طالبان على معظم المناطق في البلاد، واندحار القوات الأفغانية خلال الأسابيع الماضية.

وقال ماكينزي إنه كلما “خسرت القوات الأفغانية مزيداً من المناطق لصالح طالبان، تتراجع المعلومات الاستخباراتية أكثر”، مضيفاً أن هذا الأمر “سيجعل جمع المعلومات صعباً جداً في المستقبل، لكن لن يكون ذلك مستحيلاً”.

الجنرال كينيث فرانك ماكينزي، قائد القيادة الأميركية خلال زيارة لقاعدة عسكرية في أفغانستان، 9 سبتمبر 2019 - REUTERS
الجنرال كينيث فرانك ماكينزي، قائد القيادة الأميركية خلال زيارة لقاعدة عسكرية في أفغانستان، 9 سبتمبر 2019 – REUTERS

ولفت ماكينزي إلى أن طالبان تقدمت كثيراً في الميدان على حساب القوات الأفغانية خلال الأسابيع الماضية، “إذ استولت على عدد من المقاطعات”. غير أنهم لم يتمكنوا من السيطرة على أي من عواصم المحافظات، وفقاً لماكينزي، الذي حذر من أن ذلك قد يكون هدف طالبان في الأسابيع المقبلة.

وتابع: “بالتأكيد، عواصم المقاطعات في خطر وسنرى كيف سيتغير ذلك خلال الأسابيع القليلة المقبلة. أعتقد أن قوات الحكومة الأفغانية مصممة على القتال بقوة من أجل تلك العواصم الإقليمية”.

وقال ماكينزي إن طالبان تسعى لتحقيق انتصار عسكري في أفغانستان، “ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ستسعى للسيطرة على العاصمة كابول”.

ولفت إلى أن قوات الحكومة الأفغانية “تعهدت باستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها لصالح طالبان وتغير مجرى الأمور، مشيراً إلى أن القوات الأفغانية لديها أفضلية عسكرية بتوفرها على سلاح الجو، وهو ما تفتقر إليه طالبان.

وتابع ماكينزي: “نحن في الواقع ندفع بقوة الطائرات الحربية إلى هناك (كابول). هذا الشهر ، سيتم تسليم القوات الأفغانية سبع طائرات هليكوبتر UH60 وأربع طائرات حربية MD 530 ، وستصل تسع طائرات هليكوبتر من طراز Mi-17 قبل نهاية سبتمبر”.

ترقب هجمات إرهابية

طالبان كانت قد تعهدت للولايات المتحدة، في إطار اتفاق سلام أبرمتاه في الـ29 من فبراير 2020، بقطع علاقاتها مع “القاعدة” ومنع أي تنظيم “إرهابي” من استخدام الأراضي الأفغانية، ملاذاً آمناً.

لكن محققين في الأمم المتحدة أعلنوا في فبراير الماضي أن العلاقات بين “القاعدة” وطالبان لا تزال “وثيقة” ومفيدة للطرفين.

وفي أبريل الماضي، أرسل عضو فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة في ما يتعلق بتنظيمات داعش والقاعدة وطالبان، إدموند فيتون براون رسالة إلى مجلس الأمن قال فيها إن تنظيم القاعدة يتمركز في 15 محافظة خاضعة لسيطرة طالبان في أفغانستان.

واعتبر قائد القيادة المركزية الأميركية أن “النجاح في أفغانستان يتمثل في منع هجوم إرهابي آخر ضد الولايات المتحدة، يأتي مصدره من هنا”.

جنود أميركيون في جنوب أفغانستان بالقرب من لافتة تذكر الجميع بأن مقاتلي "طالبان" موجودون في كل مكان، 1 ديسمبر 2001 - REUTERS
جنود أميركيون في جنوب أفغانستان بالقرب من لافتة تذكر الجميع بأن مقاتلي “طالبان” موجودون في كل مكان، 1 ديسمبر 2001 – REUTERS

ولفت ماكينزي إلى أن الولايات المتحدة لا تعرف إن كانت هناك هجمات ضد الولايات المتحدة تتولد في مناطق غير خاضعة لحكم  القوات الأفغانية شرق البلاد، من قبل القاعدة وداعش.

وأكد أن “القاعدة لديها رغبة طموحة لمهاجمة الولايات المتحدة وأهداف غربية أخرى. صحيح أنهم لم يتمكنوا من القيام بذلك بشكل فعال خلال السنوات القليلة الماضية بسبب ضغوط مكافحة الإرهاب التي مورست عليهم. لكن في حال تراجع هذه الضغوط، فإنه من المعقول جداً أن يحاولوا استهداف الدول الغربية مجدداً”.

ولفت ماكينزي إلى أن هناك عدد من التقييمات الاستخباراتية التي تتوقع أن تعيد القاعدة وتنظيم داعش بناء صفوفها في أفغانستان في غضون عام أو عامين.

تدخل عسكري محتمل

وقال ماكينزي “إن طالبان أكدت أنها لن تسم لهذه التنظيمات بأن تحصل على ملاذ آمن في أفغانستان. أنا لا أصدق ذلك. لكن طالبان تعهدت بهذا الأمر. لذلك، سوف نراقب من بعيد”.

وألمح إلى حتمال التدخل مجدداً في أفغانستان في حال عدم التزام طالبان بتعهدها، قائلاً: “لن يكون الأمر كما في السابق، لكننا نتوفر على قدرات وسنقوم بنشر كل القدرات التي نتوفر عليها”.


,[object Object],
القوات الأميركية تقتحم كهفاً كان يستخدمه تنظيم القاعدة لتخزين الذخيرة والأسلحة في بلدة زاور كيلي، 14 يناير 2002 – REUTERS

وكان بايدن قال في تصريحات الأسبوع الماضي، إنه ومستشاريه “يتوقعون مشكلات في أفغانستان، لكن التركيز عليها استخدم لسنوات كمبرر لتمديد المهمة العسكرية، بينما تتعرض القوات الأميركية للأذى”، لكنه لفت إلى أن سيطرة طالبان على أفغانستان “ليست حتمية”.

وأفادت “واشنطن بوست“، بأن إدارة بايدن تخطط لمواصلة تنفيذ الضربات الجوية ضد المتطرفين أمثال تنظيم القاعدة في أفغانستان على حسب الحاجة”، إذ يسعى مسؤولو الإدارة إلى إبرام اتفاقات جديدة مع دول الجوار لتنفيذ تلك الضربات، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان عن أي صفقات.