كيف يرى تلسكوب “جيمس ويب” الماضي؟

هل نظرت يوماً إلى السماء وشاهدت الشمس؟ هل شاهدت ضوء النجوم القادم من أعماق الفضاء؟ بالتأكيد فعلت ذلك، لكنك في الحقيقة، حين ترى الشمس لا تراها في حاضرها، بل في ماضيها!

فضوء الشمس، النجم الأقرب إلينا والواقع على مسافة تبلغ في متوسطها نحو 152 مليون كيلومتراً، يحتاج أكثر من 8 دقائق للوصول إلى الأرض، وبالتالي، فإن وجود الراصد للشمس على كوكب الأرض يجعل ما يراه الآن هو “ماضي الشمس”.. أو صورة متأخرة بأكثر من 8 دقائق على “حاضر الشمس”.

الآن، تخيل وجود نجم آخر على بُعد سنة ضوئية واحدة، (السنة الضوئية هي مقدار ما يقطعه الضوء من مسافة في سنة واحدة بسرعة تبلغ نحو 300 ألف كيلومتر في الثانية). إذاً، فوجودك في موقعك على الأرض يجعل ترصد المعلومات الواردة، والمحملة على الضوء القادم من ذلك النجم، بعد عام كامل. فحين تنظر إلى نجم يبعد عنك سنة ضوئية واحدة، فإنك تنظر إلى “ماضي” ذلك النجم.

13 مليار سنة

أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، الاثنين، عن أول صورة رسمية لتلسكوب “جيمس ويب” الفضائي. تلك الصورة تعرض لقطات من عنقود نجمي يبعد عن كوكب الأرض مسافة مُقدرة بـ4.6 مليار سنة ضوئية (السنة الضوئية الواحدة تساوي 9.4 تريليون كيلومتر).

وهذا يعني أن تلك الصورة تعرض تفاصيل لمجموعة نجمية قبل تكوين الأرض في الأساس، فالصورة تقع في ماضي بعيد للغاية، قبل أن يتشكل كوكبنا الأزرق.

وقال رئيس وكالة “ناسا” بيل نيلسون إن سلسلة المجرات التي يُطلق عليها اسم “سمكس 0723” تعمل كتلتها المجمعة بمثابة عدسة للجاذبية تُضخم بدرجة كبيرة الضوء القادم من مجرات بعيدة خلفها.

ويعني ذلك أن عنقود المجرات الظاهر في الصورة يقوم بعمل “انحناء للضوء”، وهو أمر تحدث عنه العالم ألبرت آينشتاين حين قال في نظريته النسبية إن “الضوء يُمكن أن يتأثر بالجاذبية، وينحني في الفضاء حال وجود كُتل مُجمعة”.

وتُظهر خلفية الصورة أيضاً مشاهد ضوئية خافتة لمجموعات نجمية تعود إلى أكثر من 13 مليار سنة، أي بعد الانفجار الكبير بنحو 800 مليون سنة فقط.