مبروك لكل عبدٍ اكتمل فيه النقص، وصار يُهنَّأ لا لأنه حر، بل لأنه استراح من التفكير!
مبروك على أمةٍ تعيش في سجنٍ مفتوح، تحتفل بالقيد وكأنه خلخال، وبالسيد وكأنه نبي، وبالهزيمة وكأنها نصرٌ من عند الله!
عيد العبيد؟
نعم، لا تتفاجأ… فهناك من يهنّئون بعضهم على بقائهم عبيدًا.
عبيد القطيع، وعبيد المال، وعبيد الجيران. ثلاثي الانحطاط المقدّس الذي يدير “المسرح الكبير”،
حيث يتحوّل المجرمون إلى أولياء، والضحية إلى تابعٍ مطيع.
في هذا العيد، لا تُوزَّع الحلوى، بل تُوزَّع خطب التمجيد، وأكياس الأرز، وصور الزعيم وهو يبتسم في قصره، بينما تغرق في مستنقع المجاري، أو تقاتل من أجل راتبٍ لا يكفيك حتى ثمن الذل.
النوع الأول: عبد القطيع
لا يقرأ، لا يسأل، لا يفكر.
يستيقظ على بيانٍ من قائده، وينام على فتوى من معمّمه، ويقضي يومه في التهليل للحفرة التي سقط فيها.
يرى في الزعيم وجه الله، وفي الوطن صورة قبره، وفي المعارض شيطانًا متمردًا.
إنه العبد المثالي: لا يطلب طعامًا، فقط قل له “أنت مجاهد”، وسيموت طائعًا.
النوع الثاني: عبد الدينار
لا يعبد الله، بل الدولار.
مخلوقٌ رخيص، باع وطنه بعقد نفطي، وباع أهله بتذكرة سفر، وباع دم أخيه مقابل عمولة.
لا يحتاج إلى سلاسل؛ جيبه هو السلسلة، وبطنه هو الإله.
هو من يدوّن تقارير “الازدهار” بينما الأطفال يموتون على أبواب المستشفيات، وهو من يصفّق للمؤتمرات بينما المدن تنهار فوق رؤوس ساكنيها.
النوع الثالث: عبد الجيران
مخلوقٌ هجين، بلا جنس، ولا مبدأ.
ركع لطهران، وسجد لأنقرة، وباع نفسه للرياض، ثم صعد منصة الخطابة ليحدثنا عن “السيادة”!
سياسيٌّ من ورق مقوّى، هشّ، بلا نخوة، بلا تاريخ، بلا كرامة.
يتبدّل وجهه كل أسبوع حسب الطقس الإقليمي، وينطق بأربع لغات: الفارسية، والتركية، والدولارية، والنفاقية.
فأي عيدٍ هذا؟
أي جنون يجعلنا نبارك لإنسانٍ فقد إنسانيته؟
أي ضلال أن نقيم احتفالًا في مزرعة، حيث الجمهور ماعز وأبقار، والمسرح حظيرة، والعَلَم خرقة ملطّخة بالدم والولاء؟
العيد الحقيقي ليس يومًا في التقويم، بل لحظة صحوة:
حين يصرخ العبد في وجه سيده:
“تبا لك… وتبا لي لأني سكتت طويلا!”
حين تُكسر الميكروفونات التي تُمجّد المجرمين، ويُرمى شعار الحزب في سلة النفايات، وتُطفأ قنوات تفنن العبيد وتسمم الأحرار.
عيد العبيد ليس مناسبة… بل جريمة متكررة، وضحيتها: الوعي.