الكاتب /عبد الرحمن جعفر الكناني
قطعت ذراع “ولاية الفقيه” في سوريا، و”قوة الفقيه” في أذرعه. قطعت ذراعه في لبنان، وشلت ذراعه في صنعاء، ولم يبق له إلا ذراع مرتعشة في العراق، وسيركن في زاوية موته المحتم في قم وطهران. انتهى عصر الدجل الطائفي، استنفذ شروط بقائه، لم يبق له سوى انفاس أخيرة قبل موت الفتنة التي اعتاش على خرابها في الوطن العربي الكبير. عمامات خبأت شياطين الشر، انكشفت في موجة رياح عاتية، اقتلعت جذور الدجال في بيروت، وكسرت جذعه في دمشق، وغطت الأحراش ذيله في صنعاء، ويتهاوى جسده المنحني مذعورا في بغداد، ويبحث في الوقت الضائع عن مخرج له في طهران المحاصرة بغضب الشعوب.
مرحلة ولاية الفقيه طوت نفسها، قبل ان يتجند أحد لطويها، توغلت حتى مدت مواقع نفوذها في مياه الخليج الدافئة، وشواطئ شرق المتوسط، ومنفذ البحر الأحمر، ورفعت راية الحرب على كل شيء حي، ظنا منها ان إثارة حروب الفتنة شرط لبقائها وبلوغ مبتغاها غير المقبول عقلانيا طالما يتعارض مع مبادئ الحضارة المدنية القائمة على جوهر التوحد الإنساني .هذه بغداد غارقة في حضن “ولاية الفقيه” متناسية عمقها الحضاري، متخلية عن سيادتها، ينهب خزائنها دون رادع أو رقيب، ويستولى على حقولها وأراضيها، ويقطع منابع مياهها، وكأنها حق مستباح لم يجد من يصونه، ميليشيات طائفية صادرت الدولة حتى أضحت مجرد شكل لها بلا مضمون، تتغنى بولائها لـ “فقيه” يرى العراق جزءا من ولايته المتآكلة. قطع ذراع “ولاية الفقيه” في لبنان قبل سوريا، هيأ دون شك آلة قطع ذراعه الأخرى في العراق، حتى يضحى جسدا بلا ذراع يسهل القضاء عليه. فأبواب الثورة مفتوحة في بغداد على مصراعيها، أوقدت دمشق شرارتها، ماهي إلا أيام ونرى توهج شعلتها وهي تحرق ميليشياته الخارجة عن قوانين الحق والعدل، إيذانا ببدء عهد جديد طال انتظاره. نهاية عصر “ولاية الفقيه” حانت، وإغلاق أبواب الدجل الطائفي قرار عالمي لا تراجع فيه، ستصل قوته التنفيذية إلى مدن إيران قريبا، العالم لم يعد قابلا ببقائه، والأرض مهما اتسعت لم يجد له فيها مكان، سوى أثر في مقبرة التاريخ.