العرب اللندنية: أزمة الكهرباء منفذ إضافي للنفوذ التركي إلى العراق على حساب النفوذ الإيراني

رأت صحيفة العرب اللندنية في تقرير لها أن أزمة الطاقة الكهربائية التي أصبح العراق مهدّدا بالوقوع فيها بسبب إنهاء الولايات المتحدة للإعفاء الممنوح له لشراء الغاز والكهرباء الإيرانييْن بمثابة فرصة أخرى لتوثيق العلاقات ورفع مستوى التعاون بين العراق وتركيا وذلك على حساب إيران.
وقال التقرير إنه بسبب ضغط الوقت قبل حلول الصيف الذي أصبح عنوانا لاشتداد أزمة الكهرباء في العراق واندلاع الاحتجاجات الشعبية على سوء الخدمات العامة، وضيق هامش الخيارات أمام السلطات العراقية لتعويض الطاقة المستوردة من إيران أصبحت تركيا بما تمتلكه من مقدّرات في مجال إنتاج الكهرباء هي الوجهة الأنسب والحل الأسهل لتلبية جزء هام من الحاجة العراقية العاجلة.
وأعلن الجانبان العراقي والتركي عن التوصل إلى اتفاق يقضي بقيام تركيا بتزويد العراق بستمئة ميغاواط من الطاقة الكهربائية عبر خط الربط الممتد بين البلدين.
ويمثّل هذا الاتّفاق لبنة جديدة في التعاون المتطور بسرعة بين البلدين ليس فقط في مجال التنمية والاقتصاد، ولكن أيضا في مجال الأمن من خلال التوافق الكبير المتحقّق بشأن ملف حزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ أربعة عقود حربا ضد القوات التركية انطلاقا من الأراضي العراقية، وباتت أنقرة اليوم تمتلك فرصة أكبر لهزيمته بعد أن أظهرت بغداد استعدادا للتعاون معها ضدّ مقاتليه.
ويعني هذا التطور في العلاقات دخول تركيا كلاعب أساسي على خطّ المنافسة على النفوذ في العراق وهو أمر ظلّ على مدى أكثر من عقدين بمثابة امتياز لإيران بسبب كون كبار قادة النظام الذي نشأ في البلد بعد الغزو الأميركي له هم قادة أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة على ارتباط سياسي وعقائدي كبير بالنظام الإيراني وقيادته السياسية والروحية.
ويقول التقرير أن الأحزاب والفصائل المتحكمة بشكل رئيسي بزمام الدولة العراقية لعبت دور الحارس الأمين للنفوذ الإيراني في العراق وعملت على حمايته بعرقلة انفتاح البلاد وتطوير علاقاتها مع باقي دول محيطها الإقليمي، لكنّ ذلك لم يعد متاحا اليوم مثلما كان عليه الأمر في سنوات سابقة بسبب ظهور حاجة فعلية للعراق إلى الاستعانة ببلدان ذلك المحيط لتلبية حاجات ضرورية لتماسك الدولة وتواصل نظامها.
وكمثال عملي على ذلك لا تستطيع الأحزاب والفصائل الشيعية رغم عدم ارتياحها لتمدد النفوذ التركي الاعتراض على الاستعانة بأنقرة في حلحلة أزمة الكهرباء لأن تلك الأزمة إذا ما تطورت وازدادت تعقيدا من شأنها أن تهدّد أركان النظام القائم على تلك القوى ذاتها والتي خبرت من قبل مدى غضب الشارع من سوء الخدمات واستعداده لتطوير غضبه لانتفاضة ضد النظام ذاته على غرار ما حدث سنة 2019.