التشاؤم حيال الليرة التركية يبلغ أعلى معدلاته

بلغ تشاؤم التجار تجاه الليرة التركية أعلى معدلاته على الإطلاق وسط توقعات بأن قوى السوق ستطغى في النهاية على ضوابط سوق الصرف التي وضعتها الحكومة.

يختبر المتعاملون عزم صانعي السياسة النقدية، إذ تراجعت الليرة لتتخطى مستوى 20 ليرة أمام الدولار للمرة الأولى في إسطنبول يوم الإثنين، لتخسر 4.1% من قيمتها، قبل أن تمحو الخسائر بنهاية اليوم. كما هبطت العملة مجدداً لفترة وجيزة، الثلاثاء، لتكسر مستوى 20 ليرة للدولار، قبل أن تقلص انخفاضها.

رهانات انخفاض الليرة التركية مؤجلة حتى حسم الانتخابات

هذا التماسك، لم يمنع التجار من تكثيف رهاناتهم على هبوط الليرة بحدة. يرى متداولو عقود الخيارات أن العملة من المحتمل بنسبة 54% أن تهبط إلى 29 مقابل الدولار في الربع الرابع، لتفقد بذلك 32% في قيمتها. ويمثل ذلك ارتفاعاً مقارنة بالاحتمال السابق الذي رجحوه والبالغ 36% في 15 مايو، بعد الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية في تركيا.

تزايد الضغوط على الليرة
قال أولريش لوشتمان، رئيس أبحاث سوق الصرف في “كوميرزبنك”: “هناك إشارات واضحة على أن سياسة الحكومة التركية بتثبيت الليرة اصطناعياً تتعرض لضغوط متزايدة.. نتوقع تزايد تكرار وحدة هذه الانخفاضات القصيرة الأجل”.

تقلبات الليرة التركية الأعلى عالمياً قبل أسبوع من الانتخابات

التكلفة الإضافية للتحوّط من انخفاض الليرة في الأشهر الستة المقبلة -مقابل الحماية من ارتفاعها- أغلقت تعاملات يوم الإثنين عند مستوى قياسي بلغ 19 نقطة مئوية، وهو ضعف مستواها في يناير البالغ 10.7، وفق استراتيجيات التحوط عبر عقود الخيارات، لتصل إلى مستوى 18 يوم الثلاثاء.

جاءت هذه القفزة بعد أن فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بدعم منافس قومي تم إقصاؤه في المرحلة الأولى من المنافسة، مما يعزز فرصه في تمديد حكمه الذي دام 20 عاماً في جولة الإعادة يوم الأحد.

التدخلات الحكومية
طلب البنك المركزي من بعض المقرضين المحليين خفض مشترياتهم اليومية من العملات الأجنبية في سوق الإنتربنك بنسبة 25% إضافية يوم الإثنين، وفقاً لأشخاص على دراية مباشرة بالأمر فضّلوا عدم نشر هوياتهم لأن المحادثات كانت خاصة. ومن جهته، رفض البنك المركزي التعليق.

البنك المركزي التركي يستهدف تحجيم الطلب على الذهب والنقد

تتزايد المخاوف بين المستثمرين العالميين من أن السياسات الحكومية -التي تتراوح من تدخل الدولة إلى تخفيضات أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم- قد تعمق جراح الاقتصاد. وبسبب الإجراءات البديلة التي يتم تطبيقها لتحقيق الاستقرار في سعر صرف الليرة، باتت العملة التركية من بين أقل العملات تقلباً في الأسواق الناشئة في الأشهر الستة الماضية.

رأي “بلومبرغ إيكونوميكس”
نظراً لتراكم عوامل الضعف، من المرجح أن تتحول السياسة النقدية لتصبح تقليدية، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية. وعلى الأرجح سيتجه البنك المركزي لتشديد سياسته النقدية، والتخلي عن شبكة الإجراءات البديلة هذه. ومن ناحية أخرى، من المحتمل أن تستمر مشكلة التضخم في تركيا لفترة من الوقت، على أن يحيط الغيوم بالليرة على المدى القصير.

-سيلفا بحر باجيكي، المحللة الاقتصادية

قال بيتر كيسلر، مدير صندوق التحوط لدى “تريوم كابيتال” في لندن، إن الجهود المبذولة لتثبيت الليرة “غير مستدامة”، مضيفاً أن أردوغان “سيحتاج إلى رفع أسعار الفائدة و/أو إضعاف العملة”.

تدهور الليرة والتضخم المتفاقم أبرز نقاط ضعف أردوغان في انتخابات تركيا

في سياق مواز، يرى حسنين مالك، المحلل الاستراتيجي بشركة “تليمر” (Tellimer )، مزودة أبحاث وبيانات الأسواق الناشئة للمستثمرين والتي تقع في دبي: “مع ارتفاع احتمالات إعادة انتخاب أردوغان، فإن كشف حساب السياسة الاقتصادية التركية يلوح في الأفق، في ظل هذا المزيد المكوَّن من النمو المرتفع، والتضخم المفرط، ومعدل الفائدة الحقيقي السلبي للغاية، وصافي الاحتياطيات الأجنبية الذي يقترب من الصفر، واستقرار العملة غير المستدام.. بالتالي، سيتعين عليك التضحية بشيء ما”.