“أزمة وجودية” بأفغانستان رغم 837 مليار دولار أنفقتها واشنطن خلال عقدين

أكد المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، أن القوات الأميركية تغادر أفغانستان، بعد إنفاق ما لا يقلّ عن 837 مليار دولار، وهي “لا تزال فقيرة، تعتمد على المساعدات، ومتضررة من الصراع”، معتبراً أن الحكومة الأفغانية قد تواجه “أزمة وجودية”، كما أفادت وكالة “بلومبرغ“.

وأشارت الوكالة إلى أن الهيئة التي يرأسها المفتش جون سوبكو، وهي هيئة رقابة مستقلة تابعة للكونجرس، وثّقت تبديد مليارات الدولارات، نتيجة هدر وفساد، منذ خصصها المشرعون في السنة المالية 2008. ونُشر التقرير قبل أسابيع من استكمال القوات الأميركية انسحابها، بعد عقدين على غزو أفغانستان.

وكتب المفتش العام، جون سوبكو، في تقريره الذي يغطي الربع المنتهي في 30 يونيو، مع تحديثات للأحداث الأخيرة: “الأخبار القادمة من أفغانستان هذا الربع كانت قاتمة. هجوم (حركة) طالبان الذي بدأ في أوائل الربع، تسارع في يونيو ويوليو”. وأضاف أن 837 مليار دولار أُنفقت على “القتال وإعادة الإعمار” خلال عقدين، لا تتضمّن مليارات إضافية لعمليات استخباراتية سرية، ومزايا طبية وإعانات للمحاربين القدامى، ومساعدات مالية دولية.

ويعتبر قادة الولايات المتحدة، من الرئيس جو بايدن إلى الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن نتيجة النزاع بين الحكومة الأفغانية و”طالبان” لم تُحسم بعد، رغم إقرار ميلي بأن الحركة تتمتع بـ “زخم استراتيجي”.

رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي خلال مؤتمر صحافي في أرلينغتون - 21 يوليو 2021 - REUTERS
رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي خلال مؤتمر صحافي في أرلينغتون – 21 يوليو 2021 – REUTERS

ومع مغادرة كل القوات الأميركية تقريباً، يواجه حوالى 303 آلاف عنصر من الجيش والشرطة الأفغانيَين، حوالى 75 ألفاً من مسلحي “طالبان”، وفق “بلومبرغ”.

“موقف دفاعي”

وكتب سوبكو، في تقريره، أن قوات الأمن الوطنية استعادت مناطق متنازعاً عليها، مضيفاً أن الحكومة الأفغانية لا تزال تسيطر على كل عواصم المقاطعات، وعددها 34، بما في ذلك كابول. واستدرك أن الجيش “بدا أنه فوجئ وليس جاهزاً، وهو الآن في موقف دفاعي”، حتى بعدما أنفقت الولايات المتحدة 83 مليار دولار على الأقلّ، لتدريبه وتجهيزه وتشغيله والحفاظ عليه.

وتابع سوبكو، أن “الخسائر في صفوف المدنيين بلغت مستوى قياسياً في مايو ويونيو، وفقاً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان”، في حين أشار مسؤولون عسكريون أميركيون إلى 2035 ضحية لدى المدنيين، في أبريل ومايو، بما في ذلك 705 قتلى و1330 جريحاً.

وأضاف سوبكو، “واضح أن الاتجاه العام غير مواتٍ للحكومة الأفغانية، التي قد تواجه أزمة وجودية، إن لم تتعامل معه وتعكس مساره”. ونبّه إلى أن الانسحاب الأميركي، الذي سيُستكمل في أغسطس المقبل، سيُعقّد إلى حد كبير تقييمات أخرى، بشأن المناطق التي تسيطر عليها “طالبان” وعددها.

جون سوبكو المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان - Twitter/@ShaistaLameh
جون سوبكو المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان – Twitter/@ShaistaLameh

سلاح الجوّ الأفغاني

كان سلاح الجوّ أحد نقاط القوة للجيش الأفغاني، وهو مزيج من 7 طرازات من المقاتلات، بما في ذلك مروحيات A-29 Super Tucano، التي تقدّم دعماً جوياً، مع ذخائر موجّهة بدقة، ومروحيات نقل أميركية وروسية الصنع، فيما لفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة أنفقت نحو ملياري دولار على تطوير هذا السلاح.

لكن سلاح الجوّ يعاني تدهوراً سريعاً، إذ أن 167 طائرة كانت عاملة، من بين 211، بدءاً من 30 يونيو، كما يفتقر إلى أطقم جوية مؤهلة. وكتب سوبكو، أن 5 من هياكل الطائرات السبعة، سجّلت تراجعاً في استعدادها، في يونيو الماضي، “بالتزامن مع هجوم طالبان وانسحاب القوات الأميركية ووحدات التحالف، بما في ذلك متعاقدو صيانة الطائرات”.

ويستمرّ عمل هيئة المراقبة التي يرأسها سوبكو، حتى مع انسحاب الجيش الأميركي، تاركاً مئات من الجنود لحراسة سفارة واشنطن في كابول، ولكن في ظروف أكثر خطورة ومحدودة. وخُصّص الآن نحو 6.7 مليار دولار، في انتظار إنفاقها في أفغانستان، ويُرجّح أن تعقبها مليارات إضافية، وفق “بلومبرغ”.

وكتب سوبكو أن الإشراف على هذه الأموال “سيكون أكثر صعوبة بكثير”، مستدركاً أن ذلك “ممكن”.

وتابع أن المحققين “سيوسّعون عملهم مع أفغان مقيمين في الولايات المتحدة، ومسؤولي إنفاذ القانون الدوليين، لمكافحة نشاطات، مثل الفساد، وإنتاج المخدرات والاتجار بها، وتبييض الأموال”. ولفت إلى أن أي نمو اقتصادي محتمل على المدى القصير في أفغانستان، مقيّد بتداعيات فيروس كورونا المستجد.