أزمة انقطاع الكهرباء تفجر الغضب الشعبي تجاه الفساد

خرج مئات العراقيين إلى الشوارع، تنديداً بانقطاع الكهرباء، في حين استقال وزير الكهرباء ماجد حنتوش، في الوقت الذي شكل فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلية أزمة، بعدما وجّه بإقالة ومعاقبة عدد من المسؤولين بسبب التقصير في أداء واجباتهم.

التطورات الأخيرة صاحبتها عمليات تفجير لأبراج الطاقة واستهداف لأخرى، بالتزامن مع قطع إيران لإمدادات الغاز والكهرباء، التي يعتمد عليها العراق، لمدة يومين، ما تسبب في واحدة من أسوأ أزمات انقطاعات الكهرباء في 30 عاماً مضت، وسط ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة وصل إلى 52 درجة مئوية.

لا يعد انقطاع الكهرباء بشكل عام في العراق حدثاً فريداً، إذ يعاني هذا القطاع منذ تدميره بشكل كامل خلال حرب الخليج الثانية “عاصفة الصحراء” في عام 1991، والعقوبات التي فرضت على بغداد بعد ذلك، وسط عجز الحكومات المتعاقبة على حل الملف، رغم إنفاق أكثر من 80 مليار دولار على القطاع منذ عام 2003 والغزو الأميركي للبلاد، وفقاً لتصريحات وزير الكهرباء المستقيل في لقاء متلفز.

ولكن انقطاعات الكهرباء الأخيرة كانت حدثاً بكل المقاييس، إذ غرق البلد في الظلام، يوم الجمعة الماضي، وذلك بسبب “خلل تقني” أدى إلى توقف المحطات الكهربائية بشكل كامل، ما دفع العراقيين إلى النزول للشوارع للتنديد بما آلت إليه الأمور في هذا القطاع.

ولعل الكثير من الأسباب يمكن أن تضاف إلى القطاع المترهل في تبرير الحادثة الأخيرة، ويمكن الجزم أن ارتفاع درجات الحرارة في مقدمة هذه الأسباب، نظراً لما يترافق معه من ارتفاع في الاستهلاك، لا يصاحبه زيادة في الإنتاج. ولكن هذا طبعاً ليس السبب الوحيد.

تفاوت بين الاستهلاك والإنتاج
وفقاً لتصريحات سابقة لوزير الكهرباء المستقيل، فقد بلغ إنتاج العراق من الكهرباء نحو 16 ألف ميغاوات، مرتفعاً 4 آلاف ميغاوات عن العام السابق، فيما يبلغ الاستهلاك اليومي للكهرباء خلال ساعات الذروة في الشتاء نحو 19 ألف ميغاوات، في حين تنتج البلاد تنتج فقط نحو 11 ألف ميغاوات، وهو ما يعني حاجة العراق إلى الاستمرار في استيراد الكهرباء، خاصة في فترة الصيف عندما زيادة الاستهلاك.

مع كل أزمة لانقطاع الكهرباء في العراق، يتجدد الحديث عن الدور الإيراني في هذه الأزمة، وذلك بسبب الروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدين في مجال الطاقة.

وأوقفت طهران في مطلع يوليو الجاري إمداداتها الحيوية من الطاقة إلى العراق، لتتفاقم بذلك أزمة الكهرباء التي يعانيها العراقيون، وذلك في ظل اعتماد العراق على الواردات الإيرانية من الغاز والكهرباء لتلبيته ثلث احتياجاته في هذا المجال.

وتوقف الإنتاج تماماً في 4 خطوط للربط الكهربائي بين إيران والعراق منذ الثلاثاء الماضي، وذلك مع بدء القطع الكامل لإمدادات الطاقة الإيرانية هذا الأسبوع، حسبما ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية نقلاً عن مسؤوليين عراقيين.

ضغوط إيرانية

ووفقاً لوكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، فإن الإيقاف الأخير لإمدادات الطاقة يأتي كوسيلة من الحكومة الإيرانية التي تعاني ضائقة مالية، على بغداد للإفراج عن دفعات جديدة مقابل واردات الطاقة، مع وصول المتأخرات على الحكومة العراقية إلى نحو 6 مليارات دولا أميركي.

ويرجع التأخير في دفع هذه المستحقات جزئياً إلى الأزمة الاقتصادية في البلاد، كما أن خطة الدفع المعقدة التي تم تصميمها لتفادي العقوبات الأميركية، أدت إلى تباطؤ تحويل الأموال إلى طهران.

وكان وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنكنه كشف في وقت سابق، أنه حتى الآن تم تصدير نحو 27 مليار متر مكعب من الغاز إلى العراق، مشيراً إلى أن الدفع مقابل هذه الصادرات يواجه مشكلات، وذلك في إشارة إلى التعقيدات التي تفرضها العقوبات الأميركية على التعاملات المالية بين بغداد وطهران.